ملخص الجهاز:
"خطابه العالمی: انعقد فی لندن مؤتمر عالمی سنة 1936 للبحث فی موضوع إیجاد زمالة عالمیة بین الأمم کافة، ودعی الشیخ محمد مصطفی المراغی لإلقاء خطبة فیه، فأرسل بهذه الخطبة وهی حافلة بالآراء الصائبة والنظرات البعیدة، مما أجمع المؤتمرون علی الإشادة بها وشکر کاتبها، جاء فیها: (1) تشرفت بالدعوة إلی حضور هذا المؤتمر من حضرات السادة القائمین بأمره وکنت شدید الرغبة فی شهوده وفی لقاء حضرات السادة ممثلی الأدیان والمذاهب، ولکن أسبابا قویة حالت دون بلوغی هذه الأمنیة، فبعثت بکلمتی هذه وأنبت عنی فی إلقائها الشیخ عبد العزیز المراغی ( الأخ الأصغر للشیخ وکان عضو جماعة کبار العلماء) المدرس بکلیة الشریعة وعضو بعثة فؤاد الأول بلندن، وأنا راج منکم أن تتقبلوا أصدق عبارات التحیة والإجلال، وأصدق الأمانی لتحقیق الغرض السامی الذی تسعون إلیه.
والدعوة إلی تنمیة الشعور الدینی المشترک یجب أن تسبقها الزمالة بین رؤساء الأدیان أنفسهم، فهم أقدر من غیرهم علی إدراک هذه المعانی السامیة، وأولی الناس بأن یفهموا أن الخطر الذی داهم الإنسانیة لا یجیء من أدیان المخالفین، وإنما یجیء من الإلحاد، ومن المذاهب التی تقدس المادة وتعبدها، وتستهین بتعالیم الأدیان وتعدها هزؤا ولعبا .
وسبب ذلک اصطدام الدین بالعلم التجریبی وما ثار بینهما من خلاف، أو جنوح الفلسفة الأدبیة إلی آراء فی الخیر والفضائل العملیة وقفت بعض الأدیان فی سبیل الموافقة علیها، أو اتجاه الأبحاث الاجتماعیة عن غایات الحیاة إلی نواح لم یوافق الدین علی ترسمها، فکانت صلة العلم المادی والعمل الخلقی والغایات الاجتماعیة بالحیاة الفعلیة قوة لأصحاب هذه الفروع علی الدین وعلی انتهاک حرماته، وکانت مقاومة رجال الدین لهؤلاء مقاومة غیر رشیدة سببا فی اتساع الهوة وجرأة المخالفة عصفت بالشعور الدینی فی قلوب أولئک المتعلمین، بل وأضعفت هذا الشعور عند غیرهم."