ملخص الجهاز:
نفحات وجدانیة من کتاب محمد شاطئ وسحاب للکاتب الأدیب سلیمان کتانی جادت أقلام الأدباء، وتنافس فی مدیحهم الشعراء، وأثیرت علی مضاجعهم قرائح العظماء، وانبهر فی ساحتهم الباحثون وتصاغر فی محضرهم الخالدون.
هم الراسخون فی العلم، المطهرون...
هم الهداة المیامین..
هم أهل بیت العصمة (ع)..
فإلی قراء مجلة بقیة الله نقدم باقة من أزاهیر عشق الأدباء.
ما کانت الجزیرة العربیة یوماً بأحوج منها إلی موعد، کالموعد الذی وافاها به هذا الفجر البازغ من الیوم السابع عشر من ربیع الأول.
لقد تمت مع هذا الصباح الأبلج، ولادة من سوف یعجن الجزیرة بعضها ببعض...
وینفخ عن أجفانها تهویم النعاس وتقریح الرمد، لینشرها فوق أحقافها وحرَّاتها مروجاً خضراء، ولیطلّ بها علی العالم أفقاً تتوزع علیه قبب المنابر.
ولد فی مکة، یوم کانت تتلمس برکة قطیع من الأصنام المشرورة حول هذه الجدران.
ولکن فی عین هذا الولید -وإنْ مطروحاً علی حضن ینهنهه الفقر، ویهلهله التأیُّم- لرؤی فیها من المعانی ما یذهل آمنة عن نفسها، لتغوصَ فی تأملات هی کل هذا الانعکاس یعود إلیها عن هذه الفلذة من حشاها...
فتلطرح علی قدمیها کنوز کسری ولتمد أمامها البُسُط والسجُفُ والقباب.
یبزغ نجم طفل أضاء نوره بین المشرق والمغرب، وشعت من وهجه قصور الشام، واستأنست به أعناق الإبل، فتهادت نحوه حادیات القوافل.
هذی مکة -مطروحة علی أقدام هبل- لا تشعر بخفقة أی شعاع من نور کان یهل فی حجر آمنة بنت وهب منبثقاً فوق الجزیرة من فضاء إلی فضاء.
هذی مکة إنها مشویة بنار من لظاها...
هذا عذر مدینةٍ لم تلمح أی شعاع لنور من فوق أرضهما شع.