ملخص الجهاز:
"إن إحدی الآیات التی تدل علی هذا الأمر بکل صراحة هی الآیة الکریمة فی بدایة سورة هود المبارکة، من قوله تعالی: ﴿الر کتاب أحکمت آیاته ثم فصلت من لدن حکیم خبیر﴾، إذ جاء فی هذه الآیة المبارکة أن مقام الإحکام والبساطة، وکذلک مقام الشرح وتفصیل آیات القرآن الکریم، إنما هو من عند الله سبحانه وتعالی، ولیس من قبل النبی الأکرم’.
ومع ذلک یجب أن نقول: رغم أن جمیع الأمثلة التی جاء بها فضل الرحمن کانت فی نطاق الأحکام الاجتماعیة، وأن هدفه کان یتمثل بإیجاد مخرج لتطبیق أحکام الدین بما یتناسب ومتطلبات الزمان، فإن دائرة هذا الأسلوب لیست محدودة بالأحکام الاجتماعیة للقرآن الکریم.
وبعبارة أخری: إن جمیع أوامر الله العالم القادر الحکیم ونواهیه هی علی أساس المصالح والمفاسد النفس أمریة، وعلی هذا الأساس فإن الأصول العامة فی الشریعة الإسلامیة، مثل: مبدأ العدالة: ﴿لقد أرسلنا رسلنا بالبینات وأنزلنا معهم الکتاب والمیزان لیقوم الناس بالقسط﴾ (الحدید: 25)، وقاعدة لا ضرر: «لا ضرر ولا ضرار»( 435 )، وقاعدة حفظ النفس: ﴿ولا تلقوا بأیدیکم إلی التهلکة﴾ (البقرة: 195)، وقاعدة صون المجتمع الإسلامی والمحافظة علیه: ﴿وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخیل ترهبون به عدو الله وعدوکم﴾ (الأنفال: 60)، وأمثال ذلک، حظیت بالقبول من قبل الشارع المقدس، سواء من باب الإرشاد بحکم العقل أو توضیح أحد القواعد الدینیة العامة.
وبالرغم من کل ذلک لا بد من القول: إنه توجد فی الفقه السنی کذلک بعض الأسس والقواعد التی لو استخدمت طاقاتها من قبل الفقهاء السنة کما یجب وینبغی لما اتجه فضل الرحمن وغیره من المجددین، الذین کانوا یبحثون عن إیجاد حالة من التغییر والتطور فی الأحکام الاجتماعیة، نحو نظریة جعل الدین أمرا تاریخیا."