خلاصة:
منذ القديم اتخذت المرأة منطقة متاحة في الشعر. فلا يكاد يخلو شعر شاعر مجيد من هذا الموضوع. فالتعبير عن عاطفة متبادلة بين الجنسين كان في الحقيقة تعبير عن شعور مشترك بين كثير من مخاطبي الشاعر، إذ الشاعر عندما يتكلم عن هذا الموضوع، كأنما يتكلم عل ي لسان مخاطبه. و في عصر النهضة اصطبغ الموضوع بصبغة جديدة، و هي العناية بالمكانة الاجتماعية للمرأة، والسعي وراء تحقيق حقوقها التي ضاعت تحت الضغوط الاجتماعية والسنن الموروثة.
في شعر شاعرنا شوقي الذي كان يعيش في عصر النهضة تأخذ المرأة منحيين مختلفين: المنحي الأول. ما يتصل بالقضايا الاجتماعية التي كانت تعايشها المرأة في تلك الفترة، والتي كانت الداعي إلي الحركات التحررية للمرأة، والمنحي الثاني. ما يتصل بقضية الحب أو بالصورة الغزلية.
عند قراءة أشعار شوقي في ديوانه و في مسرحياته، نري له من هذه الناحية نزعتين: النزعة الكلاسيكية و هي الغزل في مقدمة قصائده المدحية، أو في قصائد غزلية بحتة. والنزعة الرومنسية التي تتجلي في مسرحياته التي يبدو أن الشاعر فيها ينطلق من إحساس مرهف و يتمتع بحرية أكثر. فهو في مسرحياته يتكلم بلسان أبطال قصصه.
تحاول هذه الدراسة - ضمن تحليل بعض أشعار شوقي فيما يرتبط بالموضوع - أن تستنبط رؤي الشاعر في قضايا المرأة الاجتماعية و نظرته إلي المرأة، الروحية والجسدية، في موضع الحب و بيان العاطفة.
ملخص الجهاز:
نحاول فی هذه الدراسة أن نحصل علی أجوبة للأسئلة التالیة: ما کانت نظرة شوقی إلی المرأة فی إطار حقوقها الاجتماعی، وما کان دوره کشاعر یهتم بشؤون المجتمع وقضایاه فی قیادة هذه الحرکات التحرریة للمرأة لإعادة حقوقها إلیها؟ ما هی نظرة شوقی إلیها فی إطار الحب والعاطفة؟ بما أن للتغزل سابقة طویلة فی الشعر العربی، فهل جاء شوقی بجدید فی هذا المضمار لیکون له دور متمیز فی النهضة الأدبیة؟ وانتهجنا فی هذه الدراسة المنهج الوصفی ــ التحلیلی، مع إیراد أمثلة شعریة من الشاعر لإثبات ما نقدم من النقد، بالاستعانة بما قال الشاعر.
کما یدافع عن السفور فی قصیدته الأخری «کوک صو»[6]، مستدلا علی هذا الأمر بأن الذی یحجب المرأة هو أدبها وحده؛ فهو خیر ساتر لها، ولیس الحریر وما شابه ذلک هو الحجاب الحقیقی: فقل للجانحین إلی حجاب أتحجب عن صنیع الله نفس؟ إذا لم یستر الأدب الغوانی فلا یغنی الحریر ولا الدمقس[7] (المصدر نفسه، ص 382) الموقف الثالث: بین الحجاب والسفور فی قصیدة أخری تحت عنوان «مصر تجدد نفسها بنسائها المتجددات»، یفتخر بالنساء المصریات اللاتی یتجددن ویشارکن فی الأمور الاجتماعیة.
ومن جانب آخر، فإن التمسک بالحضارة الغربیة البحتة، والتخلی عن الدین وعن الحضارة الشرقیة مما سیکون السبب لوقوع المرأة فی مستنقع الهلاک: ماذا لقیت من الحضا رة یا أخی الترهات لم تلق غیر الرق من عسر علی الشرقی عات خذ بالکتاب وبالحدیـ ث وسیرة السلف الثقات هذا رسول الله لم ینقص حقوق المؤمنات العلم کان شریعة لنسائه المتفقهات رضن التجارة والسیا سة والشؤون الأخریات ولقد علت ببناته لجج العلوم الزاخرات کانت "سکینة" تملأ الد ـدنیا وتهزأ بالرواة روت الحدیث وفسرت آی الکتاب البینات وحضارة الإسلام تنـ طق عن مکان المسلمات (المصدر نفسه، ص 183) یستعرض شوقی فی هذه القصیدة کثیرا من المشاهد التی برزت النساء فیها قائدات للعلم والمعرفة والفن، دون أن یعدلن عن الشریعة والأخلاق.