ملخص الجهاز:
لذلک، أخی القارئ من المهم أن نتطرّق إلی تلک الآداب واللباقات التی هی ثمرة من الثمار الطیبة ونبتة عطرة من النباتات التی غرسها رسول الله(ص) وأئمتنا علیهم السلام لنجعلها دستوراً اجتماعیاُ یشعر الجمیع معه بالقیمة الحقیقیة والواقعیة للحیاة، ولذلک سیکون مسک البدایة ضمن هذه الزاویة الاجتماعیة، الحدیث عن اللباقة فی الکلام...
فاللباقة بکل ما لهذه الکلمة من معنی خلقٌ وأدبٌ رفیع، وهی من المستحبات الاجتماعیة التی حضّنا علی فعلها دیننا الحنیف وأمرنا بالالتزام بها فی کلّ شؤون حیاتنا، لأنّ الحیاة أخی القارئ أخذ وعطاء متبادل بین الناس ولا بُدّ من أن یکون هذا التعاطی مسیّجاً بضوابط لا ینبغی تجاوزها أو ضربها بعرض الحائط..
فإذا ما تحدثنا مع الآخرین فاللباقة مطلوبة فی حوارنا معهم بحیث نصغی إلیهم ونحترم آراءهم حتّی ولو کانت مخالفة لرأینا الخاص، ولذلک جمیل منا أن نفتح صدرنا لآراء الناس لیفتحوا صدورهم لآرائنا وأن نضع فی بالنا دائماً أنّ للناس حریتهم ولا نستطیع أن نفرض علیهم آراءنا بالقوة بل من المستحسن إذا ما رأینا مناقشة رأی یخالف رأینا أن نناقشه برحابة صدر وأناة وهدوء تام بعیداً عن التعصّب والنرفزة والتأفّف والضجر..
فالحوار البنّاء هو الحوار الهادئ الذی یسوده جوٌ من العقلانیة والوعی والاحترام ویکون فیه المنطق سید الموقف کما هی الحال فی حور العلماء الأفاضل مع الناس عامة حیث الحجّة القویة ورحابة الصدر والنفس الطویل ممّا یدلّ علی الروح الریاضیة والصبر الذی یتحلّی به هؤلاء العلماء الأجلاّء وقدرتهم علی استیعاب الناس بکلّ فئاتهم ومهما کانت مستویاتهم، لکن للأسف الشدید نری الکثیر من الناس لا یقیمون وزناً للکلام معتبرین أنّ اللباقة فیه ما هی إلاّ احتیال علی الآخرین لکسب ودّهم والاستفادة منهم غیر مُلتفتین إلی أنّ الکلمة الطیبة هی التی تثمر محبة وخیراً وتقدیراً وأنّها مفردة إنسانیة لا تجرح ولا تهین ولا تسخر.