أول الکلام: "قوا أنفسکم وأهلیکم ناراً...
". الإنسان یری ولده امتداداً له، واستمراراً لوجوده، لذلک یشعر عند فقدانه بانقطاع ذکره وتوقف حیاته بمجرد موته، ولولا هذا الشعور الذی أودعه اللَّه عزَّ وجلَّ فیه والذی یدفع الإنسان لطلب الولد علی ما فیه من تحمل للمشقات والآلام للأم والأب فی الحمل والولادة وتربیته والسهر علی سلامته وتأمین وسائل الحیاة له، لما استمرت الحیاة الإنسانیة، ولتوقف النسل الإنسانی منذ بدایته.
نعم قد یختلف الأمر فمن یری أن السعادة فی الآخرة وأن الدنیا دار عمل وزرع والحصاد یوم القیامة یری الفضل فی العلم والمقام والصفات التی تفیده فی ذلک العالم الخالد، أما من نسی الآخرة وتعلق بالدنیا وظن أنها السعادة والنعیم، فهو یختار لنفسه من مقامات الدنیا وعلومها وصفاتها وأعمالها ما یسعده فی الدنیا، إلا أن المؤمن باللَّه عزَّ وجلَّ لا یستطیع أن ینسی الآخرة وأن یغفل عن لحظة الموت ومفارقة الدنیا ولقاء اللَّه، لذلک فهو یکتسب من الفضائل ما یحقق له السعادة الخالدة له ولکل من یرتبط به ممن هم حوله، وأهم هؤلاء وأقربهم إلیه الولد الذی هو نفسه وکله "وهو ثمرة القلب" کما عن الإمام علی (ع): و"قرة العین وریحانة القلب" کما عن النبی (ص) "أولادنا أکبادنا" کما عن أمیر المؤمنین (ع) "الأب أصل الابن والابن فرعه، فإن عمل الإنسان إذا مات ینقطع إلا من ثلاثة ومنها الولد، فکل ما یعمل یصل ثوابه إلی والدیه" کما عن الإمام الرضا (ع).
یقول تعالی: )قوا أنفسکم وأهلیکم ناراً وقودها الناس والحجارة علیها ملائکة غلاظ شداد لا یعصون اللَّه ما أمرهم ویفعلون ما یؤمرون".