چکیده:
یتعرّض المقال الی مسالة مهمة وهی ما اسماه الکاتب بالموروث الاجتماعی الذی هو العادات والتقالید المتوارثة، وقد بیّن اقسامها، ومدی تاثیرها علی شخصیة الفرد وفکره وجمیع جوانبه، ثمّ تطرّق الی کیفیّة التعاطی الصحیح مع هذا الموروث، فلا یقبل بشکل مطلق ولا یرفض بشکل مطلق، بل یجب الفحص والتفصیل فی ذلک.
خلاصه ماشینی:
من هنا تأتي أهمية هذا البحث الذي يحمل عنوان: (الموروث الاجتماعي وتحديات التغيير)، ويمكن بحثُه عبَر ثلاث نقاط: أولاً: ما هو معنى الموروث الاجتماعي؟ ثانياً: ما هي طبيعة التأثير التي يمتلكها هذا العامل؟ ثالثاً: كيف ينبغي أن نتعامل معه؟ أولاً: معنى الموروث الاجتماعي المقصود من الموروث الاجتماعي هو: ذلك الكمّ المتراكم الهائل من المفاهيم القيمية، ذات الجذور الفكرية المعينة، التي يتلقّاها الإنسانُ بالتدريج من المجتمع المحيط به، والتي تبدأ من أصول الفكر، منتهيةً إلى أدقِّ التفاصيل السلوكية المسماة بالعادات، وهي مفاهيم عملية متحرّكة، مؤثرة، نامية ببطء، تُتَناقل من جيل إلى جيل، وتشكِّلُ سلطةً مؤثّرة في طباع الفرد والمجتمع على نحوين: إمَّا على طريقة التّلقين بفرض مقتضياتها، فلا يكون للطرف المتأثر بها إلا الاستجابة إلى حدّ الخدَر.
ثالثاً: كيفية التعاطي هنا، من الضروري أن نسأل: كيف ينبغي التعاطي مع هذا الموروث؟ هل نرفضه مطلقاً، فنتعامل معه بحساسية وحذر شديدين دائماً؟ أم نقبله مطلقاً، ونحافظ عليه ما دام يشكِّلُ هويتنا المجتمعية التي تميّزنا بها عن غيرنا من المجتمعات؟ أم نحاكمه وفق الحجج العقلية، فنقبل ما كان منه متوافقاً معها، ونرفض ما كان منه ليس كذلك؟ نقول في الجواب: تبيَّن ممَّا سبق أنَّ الموروث الاجتماعي لا يعطي تأثيراً متّسقاً بحيث يكون ذا أثر واحد للجميع، فهو من حيث نفسه: قد يكون إيجابياً، وقد يكون سلبياً، وقد يكون مزيجاً منهما، ولكلِّ واحدة من هذه الحالات حكمها الخاص بها، ومن الظلم الفاحش أن يحاكَم الموروث الاجتماعي مطلقاً بطريقة واحدة، وهذا ما يقع فيه الكثيرون، فالناس في ذلك تنقسم إلى ثلاث اتجاهات: الأول: من يقبل بكامل الموروث، ويدافع عنه مطلقاً، وهذا من الممكن أن يكون مقبولاً فيما لو كان جميع الموروث إيجابياً، منطقياً، معقولاً، أمَّا إذا لم يكن كذلك مطلقاً، أو في بعض جوانبه، فالدفاع عنه فقط من أجل كونه موروثاً هو نفسه التقليد الأعمى الذي تكلَّمنا عنه سابقاً، وهذا مرفوض بحكم العقل والنقل على حد سواء..