خلاصه ماشینی:
"و خطأوا قراءة ابراهیم و قتادة و حمزة7بخفض«الأرحام»من قوله تعالی: (و اتقوا الله الذی تاءلون به و الأرحام) [النساء:1]،فقال النحاس بصدد هذه القراءة:«فأما البصریون فقال رؤساؤهم:هو لحن لا تحل القراءة به»8،و ذکر المبرد أن البصریین:«لا یعطفون الظاهر علی المضمر المخفوض و من أجازه غیر هم فعلی قبح کالضرورة،و القرآن إنما عمل علی أشرف المذاهب و قرأ حمزة:«الذی تساءلون به و الأرحام»، و هذا مما لا یجوز عندنا إلا أن یضطر الیه شاعر کما قال: فالیوم قربت تهجونا و تشتمنا فاذهب فما بک و الأیام من عجب»9 و قد أنکر ابن یعیش علی المبرد غلوه فی مذهبه ذلک فقال: «و قد رد أبو العباس محمد بن یزید هذه القراءة و قال لا تحل القراءة بها،و هذا القول غیر مرض من أبی العباس لأنه قد رواها إمام ثقة و لا سبیل إلی رد نقل الثقة مع أنه قد قرأتها جماعة من غیر السبعة کابن مسعود و ابن عباس و القاسم و ابراهیم النخعی و الأعمش و الحسن البصری و قتادة و مجاهد،و إذا صحت الروایة لم یکن سبیل إلی ردها»10.
و لعل الراجح فی هذه المسألة أن مواقف النحویین اختلفت من القراءات کما اختلفت مواقفهم من مسائل اللغة و النحو فقد صدق هذا علی مستوی المنهج النحوی:«أو قد یکون فی مواقف یخالف فیها النحوی جماعة مذهبه و یوافق مذهبا آخر أو قد ینفرد هو بالموقف دون أن یتفق مع أحد»34،و لعل هذا الرأی یصدق علی مواقف الفراء المختلفة من القراءات فقد قبل ما رفضه البصریون و تمیز بالخروج عن مذهب الکوفیین فی التعامل مع النصوص اللغویة و القراءات ففاضل بینها أو تردد فی قبولها أو رفضها،و تجده یطعن فی طائفة من القراء و یرمیهم باللحن و الوهم و لم یسلم من نهجه هذا حتی القراء السبعة بما فیهم أبو عمرو بن العلاء و حمزة الزیات و ذلک ما سنبینه فی الصفحات الآتیة."