خلاصه ماشینی:
أقـول : توضیح ذلک : إنّ النظریة التقلیدیة للعقد تقول : بأنّ الأصل فی العقود ( سواء کانت مکتوبة أم غیر مکتوبة ) هو عقود التراضی التی تتم وفقا للرضا التام بین الطرفین فی تحدید محل العقد وشروطه بلا اضطرار ولا اکراه حتی بالمعنی الاقتصادی ، حیث تکون السلع والمنافع متوفرة معروضة ، ومصادرها متنوعة من تجّار أو شرکات تقوم بتسویقها وتوفیرها ، فالمنافسة موجودة بین الشرکات والتجار علی تقدیم الأفضل والأرخص للمنتفع ، ولکن فی بعض الأحیان ، نظرا للتقدم الاقتصادی ، حصلت بعض السلع التی تحتکرها الحکومات أو بعض الشرکات العملاقة أو المحضوضة ( بترخیص من الدولة لا یتعداها إلی غیرها ) التی تجعل السلعة أو الخدمة المطلوبة غیر موجودة إلاّ فی جهة واحدة فقط ، خاصة إذا کانت تلک السلع أو الخدمات ضروریة وحیویة وحیاتیة لا یمکن العیش ومسایرة التطور الحضاری بدونها ، کالمیاه والغاز والکهرباء والتلفون والبرید وأمثالها ، وفی هذه الحالة یتحوّل أحد المتعاقدین وهو الضعیف إلی متعاقد تملی علیه الشروط من قبل القوی وهو المتعاقد الآخر ، ولابدّ له أن یقبل إذا أراد أن یسایر الحیاة الحضاریة ؛ وبهذا فقد اُصیبت النظریة التقلیدیة للعقد التی کانت قائمة علی الرضا التام بین الطرفین إلی رضا یکره علیه ( أو یضطر إلیه أحد المتعاقدین اکراها اقتصادیا ) .
أوّلهما : یری أنّها لیست عقودا حقیقیة ، وقد ترأس هذا المذهب ( الاُستاذ سالی ) وتابعه فقهاء القانون العام مثل : ( ذیجیه وهوریو ) حیث أنکر علی عقود الاذعان صبغتها التعاقدیة ، إذ العقد توافق ارادتین عن حریة واختیار ، أمّا هنا : فالقبول مجرد اذعان ورضوخ ، فعقد الاذعان أقرب إلی أن یکون قانونا أخذت شرکات الاحتکار الناس باتّباعه ، فیجب تفسیره کما یفسّر القانون ویراعی فی تطبیقه مقتضیات العدالة وحسن النیّة ، وینظر فیه إلی ما تستلزمه الروابط الاقتصادیة التی وضع لتنظیمها .