خلاصه ماشینی:
"و نذکر القاریء بأن المناسبة التی حفزت الجابری لتناول قضیة الحضارة هی «الجلبة»الفکریة و الدعائیة الهائلة التی أحدثتها أجهزة الاتصال الجمعی و الثقافة فی الغرب،و بخاصة فی الولایات المتحدة الأمریکیة،و تابعتها فیها الأجهزة المناظرة فی البلدان العربیة و الإسلامیة،و ذلک بخصوص المقولة التی أطلقها البحاثة الأمریکی صموئیل هانتنغتون فی مقالته،ثم فی کتابه صدام الحضارات.
فإذا کانت الحریة و الدیمقراطیة و النمو متفقة علی القیم الحضاریة الغربیة،و غیر متفقة مع الامبریالیة و الهیمنة،فإننا نتوقف لنقول إن الجابری ربما یرید التأکید علی أننا نقف فی خندق حضاری واحد مع الغرب،و لکننا نقاوم بکل ما استطعنا من قوة نزوع هذا الغرب إلی الهیمنة الامبریالیة.
خامسا:الأثر السیاسی للحضارة العربیة یقول الجابری(ص 112):«و للمرء بعد کل هذا أن یتساءل:إذا کان الاشتراک فی الحضارة،هو الذی یقف وراء المجموعات الاقتصادیة الإقلیمیة الناجحة،فلماذا لم تقم بین البلدان العربیة مجموعة اقتصادیة إقلیمیة ناجحة مع أنها«متجذرة فی حضارة مشترکة»،بحسب تعبیر هانتنغتون أکثر من أی مجموعة أخری فی العالم،بما فی ذلک المجموعة الأوروبیة؟».
و لا یختلف الکثیرون أیضا حول ضرورة التعامل مع الغرب فی الواقع العملی،و لکن أی نوع من التعامل هو؟ هل هو تعامل فی إطار القبول بالصیغة الراهنة لتقسیم العمل الدولی الرأسمالی و التی تجعل من نصیب البلاد النامیة و المتخلفة، بما فیها البلدان العربیة،التخصص فی انتاج المزروعات و المعادن و المصنوعات الأقل تطورا من الناحیة التقانیة؟أم هو تعامل فی إطار محاولة تغییر الصیغة المذکورة،و«عدم التکیف»معها،و ذلک بالتحول إلی تنمیة معتمدة بصیغة رئیسیة علی الذات العربیة، و المبادرة إلی إقامة قواعد اقتصادیة تقانیة تکسر القید التقلیدی للتبعیة و الخضوع؟ إن هذا هو المحک الرئیسی فی فهم المصلحة."