خلاصه ماشینی:
"فقد وجد النقاد القدامی وجلهم من اللغویین شاعرا تجرا علی ما وضعوا من مقاییس للصحة و الإصابة و الجودة والحسن فی الشعر و حطم ما تعارفوا علیه من علاقات بین الألفاظ و خرج من استعمالاتها الموروثة المألوفة إلی استعمالات جدیدة لم یعرفوها و کأنه کان یطالبهم بإعادة النظر فی مقاییسهم و مفاهیمهم و أذواقهم بل أنه دعا قراء الشعر إلی أن یرتقوا إلی مستوی یمکنهم فیه من فهم شعره.
و کان الآمدی تحدث عن عناصر العمود قبل الجرجانی و المرزوقی حین قال:((و لیس الشعر عند أهل العلم به إلا حسن التأنی و قرب المأخذ و اختبار الکلام و وضع الألفاظ فی مواضعها و أن یورد المعنی باللفظ المعتاد فیه المستعمل فی مثله و أن تکون الاستعارات و التمثیلات لائقة بما استعیرت له و غیر منافرة لمعناه فان الکلام لا یکتسی البهاء و الرونق إلا اذا کان بهذا الوصف و تلک طریقة البحتری))21.
و لکن المرزوقی فی ردوده علی الصولی و الآمدی لم یتطرف الی کثیر مما عیب به أبو تمام کاستعماله للاستعارات البعیدة التی وصفت بالرداءة و القبح و مباعدته بین طرفی التشبیه و غیر ذلک مما ذکر أنه فیه خارج علی نهج القدماء و مما عد مجافاة للموروث من صور البلاغة و وجوهما.
و قال ابن طباطبا:((و أحسن الشعر ما ینتظم فیه القول انتنظاما یتسق به أوله مع آخره علی ما ینسقه قائله فان قدم بیت علی بیت دخله الخلل کما یدخل الرسائل و الخطب إذ نقص تألیفها))59و أکد قدامة و هو یتحدث عن التئام المعنی مع الوزن ضرورة((أن تکون المعانی تامة مستوفاة لم یضطر الوزن إلی نقصها عن الواجب و لا إلی الزیادة فیها علیه))60."