خلاصه ماشینی:
"انی أرید لقاء ابنتی،فاعد لذلک العدة،انا لا أحب ان أبدو لها علی هذه الهیئة الرثة القذرة،و ما من خطة سوی انی أهجر الشراب أسبوعا او نحو ذلک لاعید الی وجهی شیئا من نضرته الاولی،ثم أجیئک فتعیرنی حلة من ثیابک ارتدبها،أحلق ثم لحیتی،و اقص فودی و لمتی،و تذهب انت فتأتی بالفتاة الی فی منزلک، أتصنع لی ذلک?» «سمعا و طاعة» «قف أیها الحوذی!»و وثب الشیخ من المرکبة فدخل خمارة ثم عاد بعد نصف ساعة، و کرر هذه الفعلة ثلاث مرات أخری اثناء مسیر المرکبة بهما الی مسکن الشیخ، و لما نزلا عن المرکبة و انصرف بها الحوذی أخذا فی طریق قذرة ضیقة یؤمان منزل الشیخ و قال الوالد و قد کسا وجهه سیماء من الذلة و الخشوع و المسکنة استعدادا للقاء زوجته الخشنة القاسیة «بورنکا!مهما أغلظت لک القول هذه المرأة فلا تکترث لقولها و لا تحفل،ثم الن لها من جانبک،و سهل من عریکتک،فلقد تکون جاهلة وقحة و لکنها طیة فی الجملة، و ان تحت ظاهرها الخشن لفؤادا رقیقا» و انتهت الطریق الضیقة المستطیلة،و الفی الفتی نفسه فی مدخل مظلم،و جر الباب و انفتح و فاحت رائحة المطبخ و الطعام فی مرجله، و رائحة الشای فی ابریقه،و سمعت أصوات خشنة مبحوحة،و مر الفتی خلال المطبخ، لا یبصر سوی دخان متکائف،و حبل معلق علیه ثیاب مغسولة، و قال الرجل و انحنی لیدخل بابنه حجرة صغیرة منخفضة السقف،ذات هواء خانق، لشدة قربها من المطبخ، «هاک جحری!» و کان فی ذلک الجحر ثلاث نسوة علی المائدة،فلما بصرن بشخص غریب،تلاحظن شزرا و کففن أیدیهن عن الطعام، و قالت امرأة الشیخ«هل احضرت الملغ?» «اجل،اجل،اجلس یا بورنکا،ان عیشتنا ههنا بسیطة ساذجة» و اقبل الشیخ یتمشی فی الحجرة بلا قصد، و قد اخجله منظر الحجرة و حقارتها و احس ان ذلک یصغره فی عین غلامه،و لکنه اراد ان یظهر عزته و اباءه امام المرأتین الزائرتین، و انه والد قد ظلمه بالعقوق و الجفاء اولاده،فقال «اجل ایها الشاب الصغیر،لقد نزه الله عیشتنا عما یشوب عیشکم من مظاهر الترف الکاذب و الغرور الباطل،نحن أناس سذج بسطاء نعیش عیشة الزهاد،الاتقیاء،لا سرف و لا بذخ و لا تبذیر، ان المبذرین کانوا اخوان الشیاطین ،و لسنا مثلکم جل همنا ان نروع الناس بکاذب المظاهر،و بهرج اسباب الترف و الرفاهیة کلا!..."