خلاصه ماشینی:
"المتجددة عند ما یتتبع المرء الجدال الدائم منذ أمد بین الأصولیة و العلمانیة،و الذی یجد ترجمته المحلیة فی الکویت فی محاولة الأصولیین تعدیل المادة الثانیة من الدستور(بحصر مصادر التشریع بالشریعة الاسلامیة)،لا بد من أن یدرک أن القضیة المحوریة فی هذا الجدال هی قضیة الحریة و العقلانیة.
و من هذا الأمر نستمد فرضیتنا الفرعیة القائلة بأن الصراع السیاسی بین الجماعات الذی یأخذ هذه الصفة الدینیة یؤدی فی النهایة إلی إضعاف تلک الجماعات،و یقوی النخبة الحاکمة و یدفعها إلی مزید من الاستبداد،فتضعف التیارات السیاسیة و الحرکات الاجتماعیة بعضها بعضا،و یتدعم بضعفها الحکم الاستبدادی و یقوی.
و إ النخبات الحاکمة عند ما تصل إلی السلطة لا تقبل القیود الدستوریة علی سلطتها،و ترفض مساءلة الشعب لحکوماتها،و هی فی النهایة تستغل الصراع بین القوی الاجتماعیة لصالحها لأنها طرف فیه،و لکن نتیجة الصراع هو انتهاک مؤسسات الحکم الوطنی،و إضعاف مصادر شرعیة الدولة،و ما هذه إلا إیذان بضیاع «الملک»و زوال«الدولة»،أی خسارة الجمیع و ضیاع الکل.
و المطالبة بتعدیل المادة الثانیة من الدستور الکویتی لا بد من أن تؤدی إلی فرض قدر من الوصایة علی النخبة الحاکمة،لماذا؟ المسألة تتحدد بالمنطلقات الأساسیة،فإذا قلنا بالدستور أساسا للعلاقة بین الحاکم و المحکوم،یتبع هذا وضع القوانین التی تحدد هذه العلاقة و أوجه حل النزاع،کفصل السلطات و حمایة الحقوق و الحریات و سیادة القانون بالتساوی.
ماذا لو أن هذه اللجنة تحولت من لجنة فنیة لأسلمة القوانین إلی مجلس للشوری معین بالکامل من قبل الحکومة و یستمد سلطاته من سمو الأمیر،و لا یصدق علی أی قانون إلا بعد المرور علیه؟لهذه الصیغة مزایا عدة لم تکن موجودة فی تجربة المجلس الوطنی: 1-هذا الترتیب لا یتطلب اجراءات غیر دستوریة کما کان الوضع علیه فی حالة المجلس الوطنی،فهو لیس مجلسا بدیلا أو مجلسا انتقالیا."