خلاصه ماشینی:
"فهذان الجانبان-المناهج و قواعدها، مختار محمود عطا الله و الروح العلمیة-هما البنیة الأساسیة لهذا الکتاب،و سنری کیف عالج المؤلف القضایا المتعلقة بهما قسم المؤلف الکتاب إلی بابین و خاتمة؛خصص الباب الأول للحدیث عن«البحث و الروح العلمیة»مهد له بتمهید درس فیه العلاقة بین المنهج و طبیعة الروح العلمیة،فالمنهج فی الحقیقة لیس قوالب ثابتة أو قوانین یصفها فکر متعال لتحدید سبرة العلماء فی المجالات المختلفة،و لکنه تنظیر للممارسات الفعلیة للعلماء أنفسهم، و تقعید للخطوات التی قطعوها فی طریقهم للوصول إلی الحقیقة،و بهذا التحدید للمنهج باعتباره نتیجة للأبحاث و لیس مقدمة لها یؤکد أن المنهج إنما هو نتاج للروح العلمیة و هو فی نفس الوقت مقوم أساسی من مقوماتها و سبب من أسباب تطورها،و لذلک فإن أیة دراسة تتخذ من مناهج البحث موضوعا لها ینبغی أن تقدم لها بدراسة خصائص الروح العلمیة.
و یعالج الفصل الأول قضیة«العقل و بناء الروح العلمیة» فیبین مزایا العقل العلمی من وجهة نظر(دیکارت)فهو یحدد ثلاثة مزایا عقلیة یمکن أن تتحقق فی بعض لعقول و لا تتحقق فی بعض الآخر،و هی سرعة الفکر،و وضوح الخیال و تمیزه؛و سعة الذاکرة و حضورها فهذه الصفات العقلیة لا تدخل فی القدر المشترک لدی جمیع العقول،و یضیف (جوبلو)صفتین خلقیتین هما الشدة و الرقة،فإن ما یمیز الشخصیة العلمیة هو قدرتها علی الملائمة بین ما یتحقق لها من هاتین الصفتین،و ما تقصد إلی الاشتغال به من الموضوعات العلمیة،و قد اعتبر(ابن سینا)الحدس و الفکر من الصفات العقلیة لتی لا بد منها لبناء الروح العلمیة،و التی علی أساسها یکون التمایز بین شخصیات الباحثین تنتهی من کل هذا إلی أن العقول تتمایز فیما بینها ببعض الصفات،و أن بعض العقول بحسب ما توفر لها من صفات تصلح للاشتغال بالبحث العلمی،و بعضها بحسب طبیعة صفاته أیضا تصلح للعمل فی مجالات أخری قد تکون أجدی لها،و أنفع لمجتمعها من العمل فی مجال العلم،و کل میسر لما خلق له."