کلنا سواء!!! - مجله الازهر مقاله

"و ذهب الأمیر إلی القصر فوجد السلطان حزینا،و لما رآه قال:لقد بلیت ملابسی الملکیة و أصبحت غیر لائقة بسلطان عظیم مثلی فابتسم نعمان و قال لأبیه:أرأیت الآن یا أبی کیف کانت نتیجة اختفاء الخیاطین من المدینة؟فقال السلطان باسما:الحق معک یا بنی،لقد تأکدت الآن أن الخیاط لا یقل أهمیة عن السلطان!و من ذلک الیوم و الأمیر نعمان یخیط الملابس للفقراء و المحتاجین‌ و هو مسرور سعید؟ هذه قصة جاء بها الخیال من غیر شک،و لکن الحقیقة واضحة فی مرامیها و معانیها، فالأمة تتکون من أقالیم،و الإقلیم یتکون من عدة بلاد،و البلد مؤلف من أسر،و الأسرة تتألف من أفراد،ولکل فرد فی الأمة بل فی الحیاة مهمة یقوم بها و عمل یؤدیه،فکل عمل‌ یقوم به المواطن عظیم،و إن بدا فی عین الأغرار حقیرا مهینا،فلقد أضرب الکناسون یوما عقب بعض الأعیاد الکبری فی القاهرة،فلا تسل عمادهم الشوارع من القمامة،و أزکم الأنوف‌ من الزهومة،و أقذی العیون من بشاعة القاذورات؟و قلنا:یا لله،أیؤدی الکناسون‌ للمدینة هذه المهمة الکبیرة:فماذا یحدث إذن لو أضربوا أسبوعا أو عشرة أیام؟ثم لماذا أکتب هذا؟لأن بعض الکبراء عندنا یتعالون علی بعض العمال کأنهم لیسوا مثلهم لآدم‌ و حواء،و یتعلمون عن حقوق الخدم کأنهم من ذهب إبریز و هؤلاء من طین جاف، مع أن الله تعالی یقول: «یأیها الناس اتقوا ربکم الذی خلقکم من نفس واحدة و خلق منها زوجها و بث منهما رجالا کثیرا و نساء و اتقوا الله الذی تساءلون به و الأرحام إن الله‌ کان علیکم رقیبا»."