خلاصه ماشینی:
"و یتبین من هذا الدرس ما هو الاساس الحقیقی الذی تبنی علیه الدول علاقاتها الواحدة مع الاخری و اوهام بعض المفکرین الذین یرجون نفعا من قوانین و معاهدات دولیة لیس لها مرجع عالی یثبتها و یعاقب مخالفیها ان الناظر الی الحالة الدولیة الیوم نظر المحقق یری انه لیس ف ی العلاقات المتبادلة بین الحکومات ادنی قاعدة ثابتة لسلوکها-ما عدا المعاهدات التجاریة فلنها تحافظ علیها فی الغالب-فالدول لا ترعف الا سنة واحدة و هی الحق للقوة و هذه القاعدة تصح الیوم کما کانت تصح منذ آلاف السنین فانک اذا تصفحت التاریخ تجد الدولة القویة لا تتردد فی الاستیلاء علی جارتها الضعیفة.
و قد اصبحت الدولة اذا اکتسحت بلدا تعجز عن استعباد اهلها و الاستیلاء علی اموالهم و املاکهم لان العلاقات المالیة و الاقتصادیة التی تربط الامم المتمدنة انما تقوم بالثقة التجاریة و لا شیء یضعف هذه الثقة مثل الحرب فاذا اراد الفاتح ان یضع یده علی تجارة المغلوب و امواله شعر هو و بلاده و العالم المتمدن باسره بنتائج هذا العمل و ضرب المؤلف مثلا المنافسة بین انکلترا و المانیا فقال:لنفرض ان المانیا اکتسحت إنکلترا فلا شک ان ما یتبادر الی الذهن لاول وهلة أن ثروة الالمان زادت بذلک و تحسنت جمیع احوالهم-و یکاد یکون ذلک من البدیهیات.
فاذا بقیت فی الداخل ارتفعت اسعار الحاجیات لان ازدیاد النقود یحط قیمتها فما کان یباع بدرهم اصبح یساوی درهما و نصف درهم أو درهمین و اذا ارسلت الی الخارج فالبضائع و المصنوعات التی تستورد مقابل النقود المرسلة لا بد أن تجاری البضائع و المصنوعات الوطنیة فتضر بصناعة البلاد ان الارتباط الدولی یزید احکاما فی کل یوم لکن الجماهیر لم تشعر بعد بقوة هذا الارتباط العظیم فمتی شعرت به أهملت الحروب لیس عن عواطف رقیقة و شعور انسانی -فمثل هذه العوامل الادبیة اذا اثرت فی بعض المتنورین فهی لا تقنع الرأی العام- بل لاسباب اقتصادیة اذ یعلم الصغیر و الکبیر انها تضره غالبا کان او مغلوبا."