النتاج الفکری بین التألیف و الترجمة سرمقاله

"النتاج الفکری بین التألیف و الترجمة شهد القرن الثانی الهجری نشاطا فکریا خصبا تمیز باشتغال العلماء المسلمین بدراسة اللغة العربیة و تبسیطها للراغبین فی تعلمها من الأعاجم. فالعربیة لم تکن عندهم إلا وسیلة لتحقیق‌ الغایة المنشودة منها،إلا أن کثیرا من العرب و الأعاجم أعجبتهم تلک الوسیلة و أنستهم حلاوتها مقاصدهم الأصلیة منها،فاشتد التنافس بین علمائها و کان‌ ضحیته سیبویه الذی مات قهرا عقب خلافه مع الکسائی حول المسألة الزنبوریة،إلی جانب ذلک تفرغت طائفة أخری من العلماء للاشتغال بتفسیر القرآن و تدوین الأحادیث و استنباط الأحکام الشرعیة منهما،فنشأت المذاهب‌ الفقهیة و تعددت و کثرت فیها المؤلفات. إننا إلی الآن لم نستوعب النتاج الفکری العربی الذی ألفه علماء هذه الأمة فی‌ القرون الأولی للهجرة،النبویة،فما زال الکثیر منه مغیبا و منسیاو یحتاج إلی‌ المهرة للکشف عنه،و الإفادة منه،و تقدیمه بثوب جدید یمکن بعدها أن یکون‌ مادة للتألیف المتبادل مع الثقافات العالمیة الأخری."