خلاصه ماشینی:
"فلعل من الأسباب الرئیسة التی دعت العلماء قدیما إلی الخوض فی قضیة التأویل ظهور بدعة الفرق،و التطاحن المذهبی،و التشاحن الطائفی،و ذلک عندما أخذ أرباب المذاهب و حاملو لواء الفرق یتنافسون فی العصبیات المذهبیة و السیاسیة:فبدأ شرر الخلاف یتطایر من لهیب الجدال الحاد لیطال مصدر المعرفة الأول؛الوحی الإلهی، المتمثل فی القرآن الکریم و السنة الشریفة،فأخذوا یوجهون العقول فی فهمهما وجهات تتفق و ما یبتغون؛فتباینت طرق النظر فی تفسیر نصوصهما و تأویلها.
و الذی ینبغی قوله فی هذا المقام أن التأویل بوصفه طریقا من طرق التفسیر و الاستنباط لابد منه:لأن الوقوف بالنصوص عند ظواهرها و منع تأویلها یؤدی إلی الجمود و عدم مواکبة التطور،و هو ما یتناقض و الشریعة التی من أجل خصائصها العموم و الدیمومة.
فکلا الأمرین مذموم،و الطریق الوسط،الذی ینبغی اتباعه،أن یلجأ إلی التأویل عندما یوجد ما یدعو إلیه من دفع تعارض ظاهری بین النصوص،أو ما یتعارض ظاهره مع المبادیء الشرعیة و القواعد و الکلیة و المقاصد العامة،فیؤول بما یتفق و تلک المبادیء و القواعد و المقاصد:لأن هذا الوحی لیس من سماته التناقض و التخالف،و لن یکون."