المؤمن و ثقوب فی السعادة سرمقاله

"من أولی مراحل السعادة فی قلب المؤمن أن‌ یتخلص-تماما-من أسباب التعاسة،لیس‌ یتخلص منها-عن طریق مقاومتها فحسب؛ فإن المقاومة تقتضی منه مجهودا و مراقبة لکل ما نسمیه سببا للتعاسة،و من ثم یخوض معرکة نفسیة لمطاردتها،لذا کان الأهم فی تحصیل‌ السعادة لیس هو منازلة التعاسة،بل القضاء علیها فلا تجد طریقا إلی قلبه،و من ثم تتمثل فی‌ نفسه مشاعر البهجة و الاستمتاع و طمأنینة النفس،و تحقیق الذات فیتم له«الرضا الشامل» فی هذا الوجود و تتحقق له السعادة. حکی المولی-عز و جل-هذا الموقف کله فی قصة الملأ الأعلی،إذ أقسم(إبلیس)کما حکی‌ المولی-عز و جل: «قال فبعزتک لأغوینهم اجمعین» و لأنه-أی إبلیس-یعلم أن من عباد الله‌ -تعالی-من هم أشد منه قوة و أعز منعة بإخلاصه لله-وحده-قال: «الا عبادک منهم‌ المخلصین» ص 82-83 إذن هناک من عباد الله-تعالی-من لا یستطیع الشیطان أن ینال‌ منهم،و هم هؤلاء(الراضون)عن الله سبحانه-الذین امتلأت أفئدتهم و دماؤهم و أنفسهم‌ جمیعا بالإخلاص لله،و بالرضا الشامل عن قدره-تعالی-فسدوا-فی نفوسهم-مسالک‌ الشیطان،فقضوا علی أسباب التعاسة،و سدوا-فی أنفسهم-ثقوب الشیطان. تلک الصفات-أو الثقوب-هی:الحرص و سوء الظن،و الاستخفاف بالناس و قلة احترامهم،و العجب بالنفس،و الکبر و غمط الحق،و حب الحیاة علی أی وجه تکون و طول‌ الأمل و طلب الراحة و النعمة،و الطمع،و الحسد،والبخل،و الریاء."