خلاصه ماشینی:
"قال العلامة ابن خلدون: «اعلم أن الأسالیب عندهم عبارة عن المنوال الذی ینسج فیه التراکیب،أو القالب الذی یفرغ فیه؛و لا یرجع الی الکلام باعتبار إفادته أصل المعنی الذی هو وظیفة الإعراب، و لا باعتبار إفادته کمال المعنی من خواص التراکیب الذی هو وظیفة البلاغة و البیان، و لا باعتبار الوزن کما استعمله العرب فیه الذی هو وظیفة العروض؛فهذه العلوم الثلاثة خارجة عن هذه الصناعة الشعریة،و إنما یرجع الی صورة ذهنیة للتراکیب المنتظمة،کلیة،باعتبار انطباقها علی ترکیب خاص،و تلک الصورة ینتزعها الذهن من أعیان التراکیب و أشخاصها، و یصیرها فی الخیال کالقالب أو المنوال،ثم ینتقی التراکیب الصحیحة عند العرب،باعتبار الإعراب و البیان،فیرصها فیه رصا،کما یفعل البناء فی القالب،أو النساج فی المنوال، حتی یتسع القالب بحصول التراکیب الوافیة بمقصود الکلام،و یقع علی الصورة الصحیحة باعتبار ملکة اللسان العربی فیه؛فان لکل فن من الکلام أسالیب تختص به،و توجد فیه علی أنحاء مختلفة؛فسؤال الطلول فی الشعر،یکون بخطاب الطلول،کقوله:یا دارمیة بالعلیاء فالسند؛و یکون باستدعاء الصحب للوقوف و السؤال،کقوله:قفا نسأل الدار التی خف أهلها؛ أو باستبکاء الصحب علی الطلل،کقوله:قفانبک من ذکری حبیب و منزل؛أو بالاستفهام عن الجواب لمخاطب غیر معین،کقوله:ألم تسأل فتخبرک الرسوم؟و مثل تحیة الطلول بالأمر لمخاطب غیر معین بتحیتها،کقوله:حی الطلول بجانب الغزل؛أو بالدعاء لها بالسقیا،کقوله: أسقی طلولهمو أجش هذیم و غدت علیهم نضرة و نعیم أو سؤاله السقیا لها من البرق،کقوله: یا برق،طالع منزلا بالأبرق و احد السحاب لها حداء الأینق أو مثل التفجع فی الجزع باستدعاء البکاء،کقوله: کذا فلیجل الخطب،و لیفدح الأمر و لیس لعین لم یفض ماؤها عذر أو بالتسجیل علی الأکوان بالمصیبة لفقده،کقوله: منا بت العشب،لا حام،و لا راعی مضی الردی بطویل الرمح و الباع أو بتهنئة فریقه بالراحة من ثقل و طأته،کقوله: ألقی الرماح ربیعة بن نزار أودی الردی بفریقک المغوار و لا یفید هذه الأسالیب،إلا حفظ کلام العرب نظما و نثرا»اهـ مقدمة ص 472 طبعة فهمی."