خلاصه ماشینی:
"و من أجل ذلک کان الوجود فی افتقار مطرد الی الرسل و الأنبیاء،و الی المصلحین و العلماء، و الی القادة و الزعماء،لأن العقل البشری بما اکتنفه من شهوات النفوس و ما أحاط به من نزعات الآراء،لیس بقادر وحده علی أن یتبین فی جمیع الأحوال الأخلاق المثالیة،أو الصور البدائیة التی ترسم فی لوحة هذا الوجود سعادته الدائمة و عظمته الموافیة،فکان إرسال الرسل ضرورة قضی بها ناموس الاجتماع،فهو من هذه الناحیة خاضع لوحی الضمائر النزیهة التی استمدت سعادتها و سؤددها من تعالیم وحی السماء،و وحی السماء رسول الفطر، و ملاک الغرائز،و قانون الطبائع،و ما الخیر و الشر بما یندرج تحت مدلولهما إلا مجرد صور تتلاقی تحت الوجود و بین آفاقه المتباعدة أو المتقاربة،فاذا أفاض ذلک الوحی السماوی من الخیر قسطا علی بعض النفوس صیرها نفوسا ملائکیة تتراءی لها أوضاع الکائنات فی صور مثالیة،و تصبغ آفاقها بصبغة الفضائل کلها،فتخلص تلک النفوس من ظلمات الهیولی و یواجهها النور الإلهی فی ساحة القدسیة الخالدة و السرمدیة الدائمة،و العکس بالعکس."