خلاصه ماشینی:
"خامسا:البربر و التاریخ و الحضارة قبل ان نلم ببعض مظاهر المشروع الاستعماری الجدید المتصل بهذا الموضوع تحسن الاشارة الی ان عددا من الکتابات التاریخیة بالغت فی ابراز الجانب العرقی و اهملت البیئة الجغرافیة و المحیط الاقتصادی و الاطار السیاسی الذی وجه حرکات شعب المغرب العربی و کیف تحولاته الفکریة و الاجتماعیة.
و نظرا الی ان مثل هذه الکتابات تصدر عن«الهواة»عادة،فقد اشتبه علی هؤلاء الامر عندما وجدوا مصطلح «الحضارة»او«الثقافة»مستعملا من طرف المتخصصین فیما قبل التاریخ لوصف انماط معاشیة (20) Laroui,L''Histoire du Maghreb:Un Essai de synthese,p.
و هذا لا یعنی ان البربر لم یکن لهم وجود تاریخی قبل الاسلام:فالتاریخ یسجل لیس وجودهم فقط،و لکن ایضا تفاعلهم مع محیطهم جنوبا و شمالا و شرقا و تأثرهم بالثقافات التی کانت قبل ازدهار الحضارة العربیة- الاسلامیة،عبر اخذ کثیر،و بعض العطاء الذی لا یمکن تجاهله لمجرد انه کان-تحت ضغط ظروف معینة-محدودا.
و لعل هذا هو ما دفع الامام عبد الحمید بن بادیس الی ان یستعمل،فی مقالاته التی تعرض فیها لمکونات الشخصیة الوطنیة الجزائریة،عبارة«ابناء مازیغ»23بدل البربر،مع ملاحظة ان کلمة البربر،کانت مستعملة علی نطاق واسع فی الکتابات العربیة بالجزائر خلال العشرینات و الثلاثینات،اذ نجدها حتی عند بعض المعربین من دعاة الاصلاح الدینی.
اما الفکرة الثانیة فتتلخص فی محاولة انکار العنصر البربری المازیغی من اساسه بالالحاح علی ان«البربر من اصل عربی»و لا شک ان مثل هذا الرأی وارد کما رأینا سابقا،و یمکن أن یکون موضوع نقاش من طرف المختصین او الهواة،لکن الصیغة التی حاولت علمنة هذه الفکرة تؤدی الی تعزیز ظاهرة التحریم او التابو المتصلة بالبربر،لأن هناک من یستنتج من ذلک بأن الاعتراف بالبربر علی هذه الصیغة یعنی الاعتراف بالبربر علی شرط الا یکونوا بربرا!"