خلاصه ماشینی:
"فالمطران فرحات یرکز اهتمامه علی موضوع«الصلاة العقلیة» فیکرس لها رسالة أو بحثا مفردا خاصا،و هذا لافت للنظر،حیث إن التقلید الروحی،شرقا و غربا،لم یکن یفرق بین الصلاة و التأمل و المشاهدة و القراءة الروحیة تفریقا دقیقا،با إن کل هذه الأفعال کان ینظر إلیها عبر وظیفتها کریاضات تهدف إلی اتحاد العابد بالله.
و إذا أردنا أن نتوقف بعض الشیء علی عناصر التأمل الأساسیة کما حددها جرمانس فرحات،رأینا أنه یحصرها بثلاثة هی:«الاعتبار و العاطفة و القصد،و البقیة بمنزلة المقدمة و الخاتمة»(راجع بدایة القسم الخامس من الرسالة)،و هو یری فی القصد«غایة الصلاة العقلیة»(راجع الجزء الرابع:القصد).
القسم الثالث:فی یبوسة القلب و تشتیت الفکر وقت التأمل إن الصلاة العقلیة لیست بمتوقفة علی خشوع و دموع،و لا علی لذة و عذوبة،فأن یحصل ذلک فهو حسن،بل هی متوقفة علی عزم ثابت نحو المقاصد التی نبتغیها،و هذا هو الضروری فی الصلاة العقلیة،فإذا عرض لمک یبوسة قلب و جمود عقل وقت التأمل،و لم تشعر فی قلبک بتسلیة سماویة،لا تضطرب و لا تنزعج،بل قف بین یدی الله متواضعا معترفا أمامه بذلتک و حقارتک،و تضرع إلیه مع المرتل قائلا:«اللهم اصغ إلی، معونتی یا رب،اسرع إلی إغاثتی»،و قل هذا الإستیخن الإلهی10فی کل تجربة تعرض لک فإنه مؤثر فی دفعها.
الجزء الثالث:[العاطفة] إن الاعتبار یؤثر فی النفس حرکات حمیدة تلاءم موضوع التأمل، و هذه الحرکات تسمی العواطف،جمع عاطفة،و هی بمنزلة الأسباب لأن النفس تنعطف بها نحو عشرة أمور:بوجه الاختصار أولا محبة الله و القریب،ثانیا الرغبة فی السعادة الأبدیة،ثالثا الرهبة من الدینونة و جهنم،رابعا بغض الخطیئة،خامسا مذمة العالم و مجده،سادسا التعجب من حسنات الله معنا،سابعا الخجل و الحیاء من خطایانا السالفة، ثامنا الخوف من الموت و الرذل،تاسعا الاتکاء علی رحمة الله تعالی، عاشرا الاقتداء بسیرة یسوع و التشبه بقدیسیه."