خلاصه ماشینی:
"فالله هو الذی حکم ذیاک الحکم و قد تکفل بقدرته أن ینفذه فحفظه من غواة ثلاثة عشر قرنا لم ینقص منه حرف و لا بدلت منه کلمة و من هذه الآیات أیضا أیها السادة ما تحقق فی زمن النبی علیه السلام قال الله تعالی: «غلبت الروم فی أدنی الارض و هم من بعد غلبهم سیغلبون فی بضع سنین لله الأمر من قبل و من بعد» نزلت حین غلبت الفرس الروم و لکن الروم لم تستنم لعدوها بل أعادت الکرة علیه و هی واثقة من النصر فغزا هرقل الفرس سنة 629 میلادیة ورد فی غزوته هذه الخشبة المقدسة التی اغتصبها الفرس و طرد الیهود بعد عودته مظفرا من أورشلیم ثم سار الی غزو المسلمین و کان من ذلک غزوة(مؤتة)کل هذه الحقائق معروفة یرویها التاریخ فلا سبیل الی انکارها (7) «أفلا یتدبرون القرآن و لو کان من عند غیر الله لوجدوا فیه اختلاف کثیرا» لعمری ان هذه حجة لا تدع ذرة من الشک فی قلب من أراد الحق و لم یعش بصره و یطمس علی قلبه ما من مؤلف أو کاتب أو شاعر مهما بلغ من العبقریة و الذکاء و مهما تعمق فی الفلسفة و أورد من الحجج و مهما أوتی من فصاحة البیان و علو الکلام لا بد-ان تلمست هفواته و سقطاته-أن تعثر فی ثنایا کتبه و طیات کلماته علی آلاف الأغالیط و متناقضات الاحکام و نظریات یبطلها الواقع و تهزأ بها المشاهدة هذا سقراط هذا أفلاطون هذا أرسطو لم یکونوا أساتذة القرون الاولی ما بالهم الیوم قد هجرت فلسفتهم و تناقضت أحکامهم و أتی الزمان ببطلان نظریاتهم و ظهر غیرهم:تولستوی ان شئت و دیکارت و مع ذلک فلهؤلاء من الخیالات و الاوهام و الاضالیل و الافکار التی تدل علی بطلانها بنفسها ما لا یخفی علی مطلع لبیب أما القرآن فقد عاداه العرب و هم أرباب البلاغة و اللسن و فیهم فحول الشعراء و الخطباء ما سمعوه حتی سحرهم بیانه و أعجزهم تبیانه و ان مسألة اعجاز القرآن مسألة قد درست درسا کثیرا و محصت تمحیصا شدیدا،و حسبک عبد القاهر الجرجانی أولا و مصطفی صادق الرافعی أخیرا و ما لی أن أتعرض لها و أثبت اعجاز القرآن من جهة اللفظ فان ذلک بحث یطول بنا مداه و قد ألفت فیه الأسفار الطوال فلیرجع الیها من شاء."