خلاصه ماشینی:
"و لئن کانت المحرکات غیر المباشرة المؤثرة فی المجتمعات،و سیرها علی طریق التغییر لها أثرها الواضح فی تطور هذه المجتمعات،الا ان هذه المحرکات وحدها تقصر عن تحقیق امال و تطلعات المجتمعات فی المدی المرغوب فی عالم یتسم بالفوارق المذهلة و السرعة البالغة، و الترابط و التعقید بین مکوناته،مما حتم ظهور و وجود عملیات التغییر المخطط کاسلوب من الأسالیب التی تتفق مع حاجة الانسان تحقیقا لتطلعاته،و یسیر بعملیات التغییر بطریقة علمیة بعیدة عن العفویة و الصدقة نحو تحقیق ما بیغی المجتمع من غایات فی المدی الزمنی المحدد لبلوغها.
و هناک دعوة الی التزام الدولة التخطیط من أجل تحقیق التئام القطاع البدوی فی هیکل البناء السیاسی علی أن یوضع فی الاعتبار أن التغیر الذی عمله المجتمع السیاسی و التقدم التکنولوجی فی المجتمع البدوی تناول کل جوانب حیاته،فلم تعد الثروة البدویة تحتفظ بمفهومها التقلیدی من حیث أن الحیوان یمثل قیمة اجتماعیة کما کان الشأن من قبل،بل أصبحت قیمتها أولا و أخیرا قیمة إقتصادیة،ثم انها لم تعد المورد الاقتصادی الذی یورث العزة و الحیاة،و لم تعد الارتباطات القبلیة و الانساق القرابیة تمثل شیئا ذا بال فی منطق الدولة،بل تمرکز ولاء الفرد لوطنه،فصلة المواطنة-لا القرابة-هی قطب الرحی فی العلاقات الاجتماعیة،و اختلفت صورة المسؤولیة الجماعیة و الحمایة العشائریة،و لم تعد للأعراف التقلیدیة و القیادة السلفیة أدوار ایجابیة.
فالتغیرات التی تمر بها الأسرة الطارقیة لا تحدث مثلا بنفس المستوی فی منطقة«الهجار» و لعل من أهم نقاط الانطلاق لدراسة التغیر الاجتماعی فی مجتمع الطوارق برامج الانعاش الاجتماعی التی تبنتها الحکومة الجزائریة الحدیثة علی أساس تخطیطی،یهدف الی رفع مستوی الخدمات فی منطقة«تامنراست»علی سبیل المثال،اذ تعتبر هذه الواحة«النواة»الأساسیة لتحقیق ذلک،و عن طریقها یصل المواطن الطارقی الی الترشید الزراعی و تطویر وسائله و صیانة محاصیله، تنمیة موارده عن طریق تعلیمه،و تربیة ابنائه و علاجه هو و أسرته..."