قرأت لک: الانسجام البدیع یقول الشاعر الإیرانی الشیخ محمود الشبشری: «إن نظام العالم مثل نظام العین والخال والشارب والحاجب، فکل شیء حسنٌ فی موضعه».
إن فی الاختلاف برکة لأنه الباعث علی انشداد النا بعضهم للبعض الآخر، وفی الحرکة تظهر المستویات، ولا یتحقق التعلیم والتعلم إلا إذا کان هناک معلم ومتعلم، والأول ذا علم، والثانی فاقداً له، وهذه العملیة هی التی تبعث علی انشداد فیما بینهم وشعورهم بحاجة بعضهم إلی البعض الآخر، ولو کانوا کلهم متساوین لما تحقق الانشداد والتعاون فیما بینهم، ولما تظافرت جهودهم، وکلنا نعلم أن الاختلاف الموجود بین الرجل والمرأة یدل علی عظمة الخالق.
جل وعلا.
وحکمته فی خلقه حتی یتکون الکیان العائلی عندما یختار الرجل زوجته المناسبة وتختار المرأة زوجها المناسب، ولقد اقتضت حکمته أن یتمتع الرجل بمواصفات غیر موجودة فی المرأة، وتتمتع هی بمواصفات غیر موجودة فی الرجل، وهذا التفاوت هو الذی یؤدی إلی أن ینجذب أحدهما إلی الآخر فی حین لا تنجذب النساء بعضهن إلی البعض الآخر، ولا الرجال کذلک، ولکن جنس الأنوثة وجنس الذکورة ینجذبان أحدهما إلی الآخر، وهذا الانجذاب والتحابب والانشداد من برکات الاختلاف المودع فی نظام الخلقة.
لا یتصور أحد أن الرجل والمرأة متساویان فی النظام التکوینی أیضاً، والقرآن الکریم یتطرق إلی هذه القضیة ویعد الاختلاف المودع من روائع قدرة الباری جل شأنه.
فقال عزّ من قائل: ومن آیاته اختلاف ألسنتکم وألوانکم وقال: کان الناس أمة واحدة فبعث الله النبیین مبشّرین ومنذرین وجاء فی الحدیث الشریف: «اختلاف أمتی رحمة» وهذا الحدیث لا یتعلق بالحرب بل یتعلق بالاختلاف الذی ذکرنا سلفاً، ووجود هذا الاختلاف بین الناس رحمة.