خلاصة:
بعض الجمل فی اللغة العربیة لیس لها فعل خلافا لکثیر من اللغات الحیة فی العالم، وقد سماها النحاة الجملة الاسمیة، وهی مکوّنة من
المسند الیه والمسند. والمسند یمکن ان یکون علی احد الوجوه الخمسة التالیة: الاسم، الجارّ والمجرور، الظرف، الجملة الاسمیة التی خبرها
اسم او جارّ ومجرور او ظرف واخیرا الفعل الموول الی المصدر. ویصعب فهم جمل کهذه وتعلمها للذین یعرفون الجملة عادة بفعلها ولو کان
مقدرا، وفقا للغتهم الام غیر العربیة. والنحاة الاوائل الذین کان غالبهم من اصول فارسیة اعتبروا فعلا محذوفا او اسما مقدرا او مذکورا لهذا
النوع من الجمل کرابط بین المبتدا والخبر.
ویتخلص المولف بعد دراسة واسعة واستقصاء شامل لهذا النوع من الجمل فی القرآن البالغ عددها اکثر من خمسة آلاف جملة، وکذلک
بدراستها فی النصوص العربیة وتنویع جملها من حیث البنیة النحویة یتخلص بان فکرة وجود الرابط بین المبتدا والخبر هی من صنع النحاة
الذین اما کانوا متاثرین ببنیة اللغات غیر العربیة کالفارسیة او متاثرین بتقسیمات المنطق الیونانی، والحال ان هذه الجمل لا تحتاج الی رابط
مقدرا کان او مذکورا لان العرب الذین لا یتقنون النحو یمیزون بین هذه الجمل والبنیه النحویة الاخری بالنظر الی البنیة النحویة الخاصة
للجمل الاسمیة، لا علی اساس فکرة وجود رابط لم یجد ولا یوجد فی لغتهم ، کما اختلقها النحاة.
ملخص الجهاز:
"فنقول إجابة عن هذا السؤال: إنه بدراسة واستقراء أنواع المبتدأ وأشکال الخبر الفاقد للفعل الربطی، ومقارنتها بسائر البنی النحویة للغة العربیة سواء فی القرآن الکریم أم فی النصوص العربیة الأخری، ندرک أن العرب یفهم هذه الجمل بنوع ترکیبها وبنیتها، حیث لو تغیر هذا النوع من الترکیب ـ مع ما لها من خصائص ـ یصبح جملة غیر إسنادیة أو غیر مفهومة وهناک بنی مشابهة لبنیة الجملة الفاقدة لفعل «است» الربطی فی العربیة، مما یتحتم وجود قرینة لتمایز بعضها عن بعض؛ لأنهما ذات بنیة مشترکة، فعلی سبیل المثال عندما یقال: «العلم نافع» ـ وهی مرکبة من الاسمین المعرفة والنکرة ـ یفهم الناطق بالعربیة أنه تکونت جملة فاقدة للفعل الربطی، فلو تغیر هذا الترکیب، إما تنشأ منها بنیة نحویة أخری أو ترکیبة مهملة غیر مفهومة کما یلی: 1ـ «العلم النافع» = المعرفة + المعرفة: موصوف وصفة معرفة (فی الفارسیة: دانش سودمند)؛ وعند قیام القرینة: مبتدأ وخبر بلا ضمیر الفصل.
علی سبیل المثال، إن الغرض فی بعض المواضع بیان الحقائق الثابتة والخالدة کما فی الآیة الآنفة الذکر، فیستخدم فعل «کان» الربطی فی العربیة لهذا المعنی، کما صرح علیه النحاة وباحثو القرآن (السیوطی، 1967م، ص 256)، لکنه لو کان الغرض إسناد المسند إلی المسند إلیه فی زمان الحال، لا یستخدم فعل «کان» لا فی القرآن ولا فی أی نص آخر کفعل ربطی لزمان الحال، إلا أن تکون البنیة النحویة للجملة بوجه لا یمکن تکونها بلا فعل؛ مثل الجمل الشرطیة التی یجب أن تکون جزؤها الشرطی (ولا جزاؤها) فعل، فیستخدم فعل «کان» للربط؛ فعلی ما قلنا لا یدل استعمال «کان» لزمان الحال فی بعض الأحیان علی أن الجملة الفاقدة لفعل «استن» الربطی، حذف رابطها (کان ومشتقاته)."