ملخص الجهاز:
"فهذه کلها غایات تربویة سامیة تتحقق بممارسة العبادات ، ومنها فریضة الحج بدءا من رحلة المغادرة للوطن ثم العودة إلیه ، وهذه الرحلة تدریب عملی میدانی علی آداب الإسلام وأخلاقه ، وتجرد خالص للعبادة ، وإظهار شامل للطاعة المطلقة ، وتصفیة الأعمال من شوائب المادة وآصار الدنیا ومغریاتها ، وتعلقات الحیاة الرغیدة ومفاتنها ، وتجوال الفکر العمیق فی تقدیس الله ـ تعالی ـ وجلاله وعظمته ، وتحقیق ـ کغیره من العبادات ـ لمنافع الدین والدنیا والآخرة .
قال الله تعالی فی کتابه الکریم : ( وأذن فی الناس بالحج یأتوک رجالا وعلی کل ضامر یأتین من کل فج عمیق * لیشهدوا منافع لهم ویذکروا اسم الله فی أیام معلومات علی ما رزقهم من بهیمة الأنعام فکلوا منها وأطعموا البائس الفقیر )(1)فجاء الأمر الإلهی ـ فی هاتین الآیتین ـ بفریضة الحج ، مقرونا ببیان حکمة الحج ، للفرد والجماعة والأمة ، فی نطاق العبادة والنفع الذاتی والاجتماعی والسیاسی ، فکانت منافعه وفوائده خاصة وعامة ، لأنه بمثابة مؤتمر عام ، یستفید منه الحجاج فوائد دینیة بأداء الفریضة ، وتربویة أخلاقیة بالممارسة الفعلیة للعلاقات الاجتماعیة الحساسة والعادیة ، وسیاسیة إسلامیة .
وقد تنتهی هذه الشعائر بذبح الأضاحی والنذور وجزاءت المخالفة للمناسک ; لیکون ذلک الوداع الأخیر للرذیلة بإراقة الدم تعبیرا عن التخلص منها ، والتزام فضیلة التضحیة والفداء ، کما قال الله تعالی : ( لن ینال الله لحومها ولا دماؤها ولکن یناله التقوی منکم کذلک سخرها لکم لتکبروا الله علی ما هداکم، وبشر المحسنین )(2) ."