ملخص الجهاز:
"وبهذا یتم توازن اجتماعی له أهمیته فی نطاق الصداقة المشار إلیها، حیث تکون هذه الحاجة قد أشبعت مستکملة بذلک سلسلة العلاقات النسبیة والمکانیة التی تتظافر مع علاقات الصداقة فی إشباع الحاجات الرئیسة للأفراد، عاطفیا ونفعیا، ویتجاوز هؤلاء الإسلامیون نطاق العلاقات الشخصیة إلی العلاقات (العامة) أی مطلق المجتمع الإسلامی، لیتعاملوا - فی حالات خاصة - مع أطراف اجتماعیة بعضها یتسم بالمواجهة أو المباشرة کـ (المجلس) التی أشرنا (1) إلی فاعلیتها واستتباعها التوازن العبادی والدنیوی، وبعضها یتسم بعدم المباشرة متمثلة فی مبدأ «المؤمنون اخوة» ومبدأ ( التداعی العضوی)، حیث یحقق هذا النوع من التواصل الاجتماعی، توازنا عاما من خلال کونه یحسس کل طرف بعلاقته العاطفیة والنفعیة مع الآخر، فکما أن جماعة الأصدقاء مثلا تتکافل فیما بینها، کذلک فان معرفة أحدهم بوجود جائع ______________________________ (1) الاشارة وردت ضمن الکتاب - التحریر.
ویلاحظ أن المبادیء (فی فقراتها الأخیرة) تحقق مضافا إلی توازنها العبادی توازنا دنیویا لدی المجتمع الإسلامی عبر مجاملته وتکیفه وانسحابه، لکن بما أن المستهدف أساسا هو التوازن العبادی، وأن التوازن الدنیوی هو ثانوی الأهمیة حینئذ فان الإسلامیین - وهم یصارعون المجتمعات المنحرفة ویواجهون الشدائد - یظلون متأرجحین بین توازن دنیوی وعبادی (فی نطاق علاقاتهم الخاصة) وتوازن عبادی ( مصحوب بالشدائد) فی نطاق علاقاتهم مع المجتمع الأرضی وحتی فی نطاق علاقاتهم مع البیئة الخارجیة والداخلیة تظل الشدائد ومجاوزتها هی المحط العبادی لهم، بل یمکن القول : إن طبیعة الحیاة الدنیویة بما تواکبها من تصرفات خارجة عن إرادة المجتمعات وبما یستتبعها من (إحباطات) دفعت علماء النفس والاجتماع والتربیة إلی صیاغة مبادیء للسلوک تفترض عنصر (التوتر) من جانب، ومجاوزة ذلک من جانب آخر : أی ان خلو المجتمعات من التوتر یظل أمرا لا واقعیة فیه، مما یترتب علی ذلک تحمل الإنسان ( مسؤولیة) مواجهته للتوتر المذکور."