ملخص الجهاز:
"ولدی علمائنا منهجان فی مقام استخلاص المفهوم الموحد من مجموع هاتین الطائفتین من الآیات المبارکات : أحدهما : المنهج المعروف عن الشیخ الآخوند قدسسره الوارد فی کفایته فی بحث اتحاد الطلب والإرادة (6) ، وخلاصته : ان الله تعالی لو أراد صدور الفعل من العبد خلق فی نفسه الإرادة ، والإرادة عبارة عن الشوق الأکید الذی یوجد فی النفس ، فإذا تحققت تحقق الفعل ، لاستحالة تخلف المراد عن الإرادة ، لانها بمنزلة العلة بالنسبة إلیه ، وعلیه فإن أفعال الإنسان ـ بسلسلة عللها ـ التی خلقت الشوق فی نفس الإنسان تنتهی الی العلة الاولی ، وهی الله تعالی ، لکن بما أن الحلقة الأخیرة من هذه السلسلة هی إرادة الإنسان کانت أفعاله اختیاریة .
قل کل من عند الله فمال هؤلاء القوم لا یکادون یفقهون حدیثا » (1) فالآیة صریحة فی تأکید ان الحسنة والسیئة کلتیهما من عند الله تعالی ، فهو الذی یقدر لعباده الحسنات وأسبابها والسیئات وأسبابها : أما الآیة الثانیة فقوله تعالی : « ما أصابک من حسنة فمن الله وما أصابک من سیئة فمن نفسک وأرسلناک للناس رسولا وکفی بالله شهیدا » (2) فهذه الآیة التی وردت مباشرة بعد الآیة الاولی تفصل بین الحسنة والسیئة ، فتنسب الاولی الی الله تعالی ، وتنسب الثانیة الی الإنسان نفسه ، وهناک آیات کثیرة تؤکد نفس هذا التفصیل حیث تنسب السیئات الی البشر أنفسهم کقوله تعالی : « ظهر الفساد فی البر والبحر بما کسبت أیدی الناس لیذیقهم بعض الذی عملوا لعلهم یرجعون » (3) ، وقوله تعالی : « ولو یؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترک علیها من دابة ولکن یؤخرهم الی أجل مسمی فإذا جاء أجلهم لا یستأخرون ساعة ولا یستقدمون » (4) ، وکذلک قوله تعالی : « ولو یؤاخذ الله الناس بما کسبوا ما ترک علی ظهرها من دابة ولکن یؤخرهم الی أجل مسمی فاذا جاء اجلهم فان الله کان بعباده بصیرا » (5) ، وأیضا قوله تعالی : « وما أصابکم من مصیبة فبما کسبت أیدیکم ویعفو عن کثیر » (6) ."