خلاصة:
الإاسلام هو دين السلام و التسامح و الرحمة و الرأفةء و قد أكّد القرآن الكريم - هذا
الكتاب الخالد - بدوره على أن إقرار السلام و الصلح و الإصلاح هو من ضروريات
الحياة الاجتماعية للإنسان.
و استناداً إلى القرآن الكريم و روايات أهل البيت (ع) يعتبر المسلمون إخوة اذا
فعليهم وضع كل خلافاتهم الطائفية و المذهبية جانباً و سلوك سبيل السلام و الصفاء و
التآخي امتثالاً للقرآن الكريم و الروايات و الأحاديث.
إن وجود الخلافات و التناقضات في أي مجتمع إسلامي يعد أمراً لا مفر منه و ذلك
لاشتماله على العديد من القوميّات و المذاهب و المشارب إِنًا أن ذلك لا يبرّر بالضرورة
حدوث الانشقاقات في صفوف المسلمين و تباعدهم و القرآن الكريم من جانبه لم
يتوان عن بيان السّبل الكفيلة بتثبيت أسس السلام بين المذاهب الإسلاميةء بل و بين
الشعوب الإسلامية كذلك.
ستحاول في هذه المقالة أولاً الإشارة إلى الآيات القرآنية التي تؤكّد على أهمية السلم
و ضرورة المصالحة الدينية بالاستناد إلى آراء المفسُرين من كلا الفريقين إلى جانب
رواياتهم في هذا الباب. و بعد ذلك سنستعرض الأساليب التي تضمن - من وجهة نظر
القرآن الكريم - إيجاد السّلم و المصالحة بين المذاهب على مستوى المسلمين و بين
الأديان على المستوى العالمي.
فرؤية الدين الإسلامي إزاء السلام و الإأصلاح هي رؤية واضحة لا يشوبها أي ارتياب›
و في مقابل ذلك تواجهنا الظاهرة المشؤومة المعروفة ب(التكفير) و التي برزت في القرن
السابع الهجري على يد المدعو (ابن تيمية الحراني). فقد نالت كتابات هذا الشخص و
کلامه من جميع العقائد و المذاهب الإإأسلامية دون استثناء و لم يتورع عبر فتاواه
المتعددة عن إخراج معظم المسلمين من حظيرة الإسلام و تكفيرهم و اتّهامهم بالارتداد
و رميهم بالزندقة فكان منبوذاً من علماء عصره الذين انتقدوه و احتجوا على أفعاله.
ثم تبعه على نفس المنهج تلميذه محمد بن عبد الوهاب في القرن الثاني عشر
للهجرة و بدعم من آل سعود آنذاك استطاع بن عبد الوهاب أن يروج لآراء ابن تيمية و
إحياء تراثه من جديد و أعاد ما قام به سلفه من تكفير المسلمين» و للأسف الشديد بقي
هذا الهج مستمراً إلى يومنا هذا و معشعشاً في أذهان بعض الجماعات التي ما فتثت
تخرج علينا بين الحين و الآخر في إطار وحشي و دموي متمقّلة بالعصابات المسماة
بالوهابية أحياناً و بتنظيم القاعدة و طالبان و داعش أحياناً أخرى» فيهيجوا على المسلمين
ليقتلوهم و يذبحوهم دون رحمة و لا شفقةء لا لشيء إلا لاختلافهم معهم في العقيدة.
و قد دأب هؤلاء و منذ زمن ابن تيمية إلى الحكم بتكفير أتباع المذاهب الإسلامية
الأخرى و خاصّة الشيعة من خلال فتاواهم التي أصدرها علماءهم في كل عصر و زمان›
فكان ظهورهم في أي بلد من البلدان الإسلامية متزامناً مع ظهور الفتن و الهرج و المرج.
و قد أوردنا في آخر مقالتنا هذه بعض النماذج لفتاوى هذه الجماعة التي لم تتضمن
سوى موضوع و احد و هو (التكفير) بما يثبت بوضوح تناقضها مع السُلم و الوئام اللذين
دعا إليهما القرآن الكريم و الروايات الشريفة.