ملخص الجهاز:
وقد أشار صاحب العروة، في هامش المسألة رقم 67 من مسائل الاجتهاد والتقليد، إلى لزوم الاجتهاد في المبادئ والمقدّمات في تحقُّق عنوان «المجتهد»، قائلاً: «محلّ التقليد ومورده هو الأحكام الفرعية العملية، فلا يجري في أصول الدين وفي مسائل أصول الفقه، ولا في مبادئ الاستنباط، من النحو والصرف ونحوهما، ولا في الموضوعات المستَنْبَطة العُرْفية واللغوية»( ).
لنفترض القول بعدم الحاجة إلى الاجتهاد في المبادئ فالسؤال هو: لو أن شخصاً كان مجتهداً في بعض المبادئ، وكان رأيه في تلك المسألة مخالفاً لرأي مجتهدٍ قد اتَّخذ مبنىً (اجتهاداً أو تقليداً) وأفتى على طبق ذلك المبنى، فهل يبقى جواز تقليده قائماً؟ فهل مع اجتهاده يتعيَّن عليه العمل بفتوى مرجعٍ ينبثق حكمه عن مبنىً ليس مقبولاً عنده؟ وفي ما يلي سوف نستعرض أدلّة القائلين بعدم جواز التقليد في المبادئ، التي استقصيناها من بين كلمات الفقهاء والأصوليين، ونعمل على مناقشة ونقد كلّ واحدٍ منها؛ كيما تتّضح المبادئ التصوُّرية للنظرية.
والإشكال الذي يبدو للوَهْلة الأولى على هذا الرأي هو أن هذا المدَّعى إنما يكون صحيحاً في الأدلّة النقلية واللفظية على فرض انحصار أدلّة التقليد (وطبقاً لذلك لا يمكن إطلاق عنوان العارف والعالم على الجاهل ببعض جهات المسألة)، وأما إذا كان بناء وسيرة العقلاء من بين أدلّة التقليد أيضاً فلن يكون هناك فرقٌ في ماهية مجال الجهل، بل يكون الجواب بجواز مطلق رجوع الجاهل إلى العالم.
رأي الشيخ مرتضى الحائري عمد الشيخ مرتضى الحائري ـ على هامش عبارة صاحب العروة التي تقدَّم ذكرها، وهي قوله: «محلّ التقليد ومورده هو الأحكام الفرعية العملية، فلا يجري في أصول الدين وفي مسائل أصول الفقه، ولا في مبادئ الاستنباط» ـ إلى بحث التقليد في المسألة الأصولية ومبادئ الاستنباط على مستويين، وهما: 1ـ التقليد في المبادئ بغية العمل بالحكم المنبثق عن تلك المقدّمات( ).