ملخص الجهاز:
وكيفما كان فالأصل هو حرمة إبداء المرأة لما يهيج غرائز الرجل ويذكي فيه نار الشهوة سواءً كان من بدنها أو حتى ما فوقه من الزينة إذا كانت تقود إلى الإثارة أيضاً؛ فلباسها إذا حيك بهيئة مثيرة أو بألوان أخّاذة ساحرة أو احتوى قطعاً من الحليّ والجواهر الفاتنة فهو وإنّ كان يغطّي بشرتها في الظاهر إلا أنّه لا يقيها افتراس النظرات الحرام ولا يحجب عفّتها عن أيدي الطامعين ومرضى القلوب، ويخرج من هذه الحرمة مقدارٌ يسير لا يترتّب عليه المحذور المذكور وهو الذي يشير إليه قوله تعالى: {إلاّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا} سواء فسّر بالثياب -الخارجيّة التي ترتدى فوق الملابس الداخلية، من قبيل العباءة مثلاً- التي هي زينة أيضاً ولكنها ظاهرة فوق ما تحتها( ) أو عني به الوجه والكفّين أو غير ذلك من الوجوه التي نطقت بها بعض الروايات ووقعت محلاً للنظر والتحقيق بين الأعلام.
ولا يفهم من سياق الآية وما سبقها ورافقها من أحكام وجود الخصوصيّة والموضوعيّة لضرب الأرجل والخلخال؛ بل كان ذلك من باب ذكر أحد المصاديق الشائعة والبارزة والتي تعبّر بنحوٍ عام عن حرمة سعي وتعمّد المرأة القيام بأيّ عملٍ من شأنه تنبيه الرجال إلى زينتها والانسباق إلى مفاتنها، كما أنّ قوله تعالى: {لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ} فيه تلويح إلى أنّ مجرّد علم الرجال وتخيّلهم لهذه الزينة المخفيّة هو كافٍ في الحرمة وترتّب المفسدة وإن لم ينظروا إليها بالفعل لخفائها؛ لوضوح أنّ هذا مهيّجٌ قويّ لشهوتهم ومحفّزٌ لهم على التطاول والتجاوز للحدود، ولذا جاء ذيل الآية ليطلب من الجميع التوبة من هذه الممارسات المضيّعة للفلاح والظفر في الحياة: {وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}.