خلاصة:
لا يخفى عظم وأهميّة القرآن العظيم وكونه المعجزة الكبرى للنبي الأعظم، ومن هذا المنطلق وجد تساؤل حول تدوين هذا القرآن في أيّ زمن كان، وهل يمكن إهماله في زمان النبي فجاء هذا البحث مجيباً عن هذا التساؤل مبتدئاً بتحرير محلّ النزاع وهو المراد من التدوين مستعرضاً الأقوال في ذلك مع مناقشتها.
ملخص الجهاز:
وتجدرُ الإشارة إلى ما ذكره بعضُهم ممَّن ذهبَ إلى أنَّ القرآنَ جمع في عصر النبي حيث قال: "ثم إنَّ هذا القول -وهو الأولى بالقبول- لا يستلزمُ أن يكون القرآنُ مجموعاً في مصحفٍ واحد، قد خيط بخيوط، ووضع له جلد، بل المهم فيه هو إثبات أنَّه جُمِعَ بأمره، ولو في ضمن قراطيس متعدِّدة كثيرة، وقد أوصى النبي إلى وصيِّه أن يجمعه في مصحفٍ واحد حتى لا يضيعَ منهُ شيءٌ، ويكونُ النسخةَ الأولى التي تنسخ عنها المصاحف كلُّها، ويثقُ الجميعُ به وبقرآنيته، بخلاف ما لو قلنا بعدمِ وجودِ مصحف عند النبي، فإنَّ معنى ذلك أن لا يكون لدى المسلمين ثمةَ قرآنٌ مضبوطٌ انظر: صحيح البخاري، كتاب تفسير القرآن، ج5، ص210.
كما رواه ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق، ج39، ص243 عن مصعب بن سعد قال: «قام عثمان، فخطب الناس فقال: أيّها الناس عهدكم بنبيكم منذ ثلاث عشرة وأنتم تمترون في القرآن، وتقولون قراءة أبي، وقراءة عبد الله، يقول الرجل: والله ما تقيم قراءتك، فأعزم على كلِّ رجل منكم ما كان معه من كتاب الله شيء لما جاء به، فكان الرجل يجئ بالورقة والأديم فيه القرآن حتى جمع من ذلك كثرة، ثم دخل عثمان فدعاهم رجلاً رجلا، فناشدهم لسمعت رسول الله وهو أمله عليك فيقول: نعم..
وذكر هذا الدليل أيضاً السيد شرفُ الدين فقال: "وقد كان القرآن زمن النبي يطلق عليه الكتاب قال الله تعالى: ﴿ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ﴾(البقرة: 2)، وهذا يُشعرُ بأنَّه كان مجموعاً ومكتوباً، فإنَّ ألفاظَ القرآن إذا كانت محفوظةً ولم تكن مكتوبةً لا تُسمَّى كتاباً، وإنَّما تسمَّى بذلك بعد الكتابة كما لا يخفى" 2 .