خلاصة:
تطرّقنا فی هذا الفصل إلى أنّ للإسلام نظرته الخاصة لتقدّم الحیاة الاجتماعیّة، وأنّه لا شکّ أنّ الإسلام فی موضوع تقدّم المجتمع وعناصره لم یطرحه باللغة الرائجة والمتداولة فی علم الاجتماع، وذلک لاختلاف الهدف والاتجاه المنظور إلیه بین الإسلام وهذه العلوم، حیث أنّ الإسلام لیس مدرسة – اصطلاحاً- فی علم الاجتماع أو علم الفلسفة، بل هو دین هدایة، إلا أنّ کثیراً من مسائل هذه العلوم یمکن إستنباطها وإستخراجها من الإسلام. فلذا حاولنا فی الخطوة الأولى فی هذا التمهید تحدید المصطلحات لغةً واصطلاحاً ومقصوداً ثمّ الموضوعات الأساسیّة التی تدور الدراسة حولها رفعا - قدر الإمکان - للتباسات المحتملة. وکذلک أیضاً تطرّقنا إلى شخصیّة الإنسان وطبیعة المجتمع فقلنا ان شخصیّة الإنسان وطبیعته متقومة من جزئین هما البدن والروح وأنه مختار وفاعل بالإرادة. وقلنا أنه ثبت وجود التأثیر والتأثر المتبادلین بین الفرد والمجتمع فی الأبحاث العلمیّة، وتوصّل أکثر علماء الاجتماع بعد دراسات وبحوث وتحقیقات عمیقة وعدیدة إلى الاعتراف بهذه النتیجة. فلیس الفرد متأثّراً مطلقاً بالمجتمع، ولا المجتمع متأثّراً مطلقاً بالفرد، وإنما التأثیر والتأثّر متبادل بینهما. ثمّ قمنا بالتطرّق إلى تأثیرات کلّ واحد على الآخر. وأن الأساس الذی تقوم علیه فکرة الحداثة هو العقل والعقلانیّة الحسیّة التی تهدر معها کلّ ما لا یدرکه العقل الاستقرائی فلذلک نجد أنّ دین الإسلام دین یحمل أهداف سامیّة وعالیة، وجاء بنظام بل منظومة متکاملة للفرد من جهة وللمجتمع من جهة أخرى، وهذه الأهداف هی أهداف واقعیّة للحیاة البشریّة، أهداف تشمل المراحل والقدرات الإنسانیّة وقابلیاته، وهی عبارة عن الحیاة السعیدة وهی لا تتحقّق إلا فی ظلّ التکامل البشری فی کلا بعدیه المادی الجسمی والمعنوی الروحی، وتحقیق المطالب الإنسانیّة، إجتماعیاً، سیاسیاً، واقتصادیاً، وفکریاً، وأنّ السعادة النهائیّة للفرد وللمجتمع فی الإسلام تتمثل بالقرب الإلهی فکلّما تتکامل حیاة المجتمع إلى القرب الإلهی فهو یحقّق الحیاة المتطوّر والمتقدّمة والمتکاملة.
ملخص الجهاز:
أبعاد الإجتماعي للدين في القرآن ابراهيم عبدالله الخلاصۀ تطرقنا في هذا الفصل إلي أن للإسلام نظرته الخاصۀ لتقدم الحياة الاجتماعيۀ، وأنه لا شک أن الإسلام في موضوع تقدم المجتمع وعناصره لم يطرحه باللغۀ الرائجۀ والمتداولۀ في علم الاجتماع ، وذلک لاختلاف الهدف والاتجاه المنظور إليه بين الإسلام وهذه العلوم ، حيث أن الإسلام ليس مدرسۀ – اصطلاحا- في علم الاجتماع أو علم الفلسفۀ، بل هو دين هدايۀ، إلا أن کثيرا من مسائل هذه العلوم يمکن إستنباطها وإستخراجها من الإسلام .
وکذلک نجد في الکتاب والسنۀ جملۀ من الآداب والسلوکيات التي تحدد کيفيۀ التعامل بين الأفراد في المجتمع ، سواء تعلق ذلک بالمناسبات الاجتماعيۀ والبعد الإنساني عندنا بعد أساسي, لأن الإسلام دين عالمي يتوجه إلي الإنسانيۀ جمعاء, من غير تمييز بين أحمر وأصفر ولا أبيض وأسود، إنما الناس کلهم عباد الله , کلهم أبناء آدم وحواء لا فرق بينهم إلا بالتقوي , ولذلک توجه الله _ سبحانه وتعالي _ بخطابه إلي الناس جميعا في قوله :{يا أيها الناس إنا خلقناکم من ذکر وأنثي وجعلناکم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أکرمکم عند الله أتقاکم إن الله عليم خبير}١ولا شک أن للدين الإسلامي الحنيف ، لأن الرؤيۀ الکونيۀ والإيديولوجيۀ لو لم يبتن علي أساس هذا المنهج العقلي القويم لانتفت حقانيته وواقعيته وبطلت مشروعيته ، لأن العقل البرهاني هو الدال علي الدين القويم الذي توافق مبانيه الکليۀ أحکام العقل الضروريۀ، فکل دين أو مذهب أو قراءة دينيۀ تخالف أصولها وأرکانها العقل الرهاني فهي خرافۀ لا واقعيۀ لها، والتأمل في النصوص الدينيۀ في القرآن الکريم والسنۀ المطهرة، يرشدنا إلي المقام العالي للعقل و إلي الأهميۀ البالغۀ للتعقل والتفکر.