خلاصة:
الجمال الحقيقيّ هو ظهورٌ للكمال في إدراك، وأمّا المجازيّ فله مراتب وتدرّجات ترتبط ارتباطًا وثيقًا بتدرّج مراتب الوجود ابتداءً من عالم العقول والأرواح، وانتهاءً بعالم الأجسام والمحسوسات. وفي تأصيل الإدراك الجماليّ لدى ابن سينا وشيخ الإشراق بوصفهما من أعلام الثقافة الإسلاميّة فلسفة وعرفانًا، لا بدَّ لنا من ربط الجمال بمظهريه الظاهر والباطن بحقيقته الأصليّة التي ينقسم بموجبها إلى مطلق ومقيدّ فيه الكلّيّ والجزئيّ وصولًا إلى الجمال الظاهر والباطن. وإدراك الجمال مرتبطٌ بالمعرفة؛ فكلّما كانت المعرفة أكمل، يكون إدراك الجمال بصورةٍ أكمل. وفي معرفة القوس الوجوديّ للمكوّنات، يظهر مقام الإنسان وتكامله في المعرفة، وإدراكه للكمال والجمال، ثمَّ كيفيّة ترقّيه في هذا الإدراك المتحرّر السامي للجمال وفق مدارجه وكمالاته الوجوديّة. ولعلّ إدراك ابن سينا والسهرورديّ لمقام الإنسان، جعلهما يديمان التفكّر في النفس الإنسانيّة المتطلّعة إلى معرفة الغاية من وجودها في رحلةٍ طويلةٍ تبتدئ من العالم الأعلى الذي انطلقت منه لتهبط إلى البدن، ثمَّ تعود إليه مدرِكةً حكمة التجرّد وشرف العلم، وقد حرّضتها الحركة الشوقيّة إلى إدراك الجمال الأقدس.
True beauty is the emergence of perfection in perception, and figuratively it has hierarchies and hierarchies that are closely related to the hierarchy of existence, starting from the world of minds and souls, and ending with the world of bodies and sensations.
In establishing the aesthetic perception of Avicenna and Sheikh Al-Ishraq as one of the flags of Islamic culture, as a philosophy and gratitude, we must link beauty with its outward and inward aspect with its original reality, according to which it is divided into absolute and restricted in it, in whole and in part, to the apparent and inner beauty.
The perception of beauty is linked to knowledge. The more complete the knowledge, the more complete the perception of beauty. In the knowledge of the existential arc of the components, the human standing and integration of knowledge appear, his perception of perfection and beauty, then how to advance him in this liberated and sublime awareness of beauty according to its existential paths and perfection.
Perhaps Ibn Sina and Al-Suhrawardi's realization of the status of man made them perpetual contemplation of the human soul that aspires to know the purpose of its existence on a long journey that starts from the higher world from which it set off to descend to the body, then returns to it, realizing the wisdom of impartiality and the honor of knowledge, and the longing movement instigated it to the perception of beauty The holiest.
ملخص الجهاز:
ولعلّ إدراك ابن سينا والسهرورديّ لمقام الإنسان، جعلهما يديمان التفكّر في النفس الإنسانيّة المتطلّعة إلى معرفة الغاية من وجودها في رحلةٍ طويلةٍ تبتدئ جامعة الزهراء(س)؛ طهران - إیران جامعة حلب؛ حلب - سوریا من العالم الأعلى الذي انطلقت منه لتهبط إلى البدن، ثمَّ تعود إليه مدرِكةً حكمة التجرّد وشرف العلم، وقد حرّضتها الحركة الشوقيّة إلى إدراك الجمال الأقدس.
وفي السياق نفسه قال ابن سينا مبيّنًا قيمة ارتقاء النفس إلى عالم القدس وتجردّها من عوائق الحسّ المانعة من الإدراك الجماليّ للّذّة العليا: "والعارفون المتنزّهون، إذا وُضِعَ عنهم دَرَن مقارنة البدن، وانفكّوا عن الشواغل، خلصوا إلى عالم القدس والسعادة، وانتقشوا بالكمال الأعلى، وحصلت لهم اللّذّة العليا" (ابن سينا: الإشارات والتنبيهات (شرح الطوسي)، النمط الثامن: 774).
وذهب ابن سينا إلى أنَّ إدراك اللّذّة العليا يمكن تحقيقه بوجود البدن؛ وهذه مرتبة المنغمسين في تأمّل الجبروت؛ وفي ذلك قال: "وليس هذا الالتذاذ مفقودًا من كلِّ وجهٍ؛ والنفس في البدن، بل المنغمسون في تأمّل الجبروت، المعرضون عن الشواغل، يُصيبون، وهم في الأبدان من هذه اللّذّة حظًّا وافرًا قد يتمكّن منهم فيشغلهم عن كلّ شيءٍ" (م.
النفس عند ابن سينا والسهرورديّ؛ (دراسة تطبيقيّة) رأى شيخ الإشراق أنَّ النفس لا يمكن أن ترقى إلى إدراك هذا المقام إلّا بالتجرّد؛ وذوق خميرة الحكمة القائمة على الانسلاخ عن العلائق ودواعي الحسّ والكثافة؛ ليتمكّن القلب من استقبال اللطائف النوريّة المطلّة عليه من عوالم الغيوب، ولتتمكّن النفس من معرفة غاية وجودها.
وأبيات السهرورديّ هذه عارض بها قصيدة ابن سينا التي بيّن فيها أحوال النفس في رحلتها المعرفيّة، وكيفيّة اتَصالها بالبدن، وبحثها عن الحكمة، وسعيها إلى إدراك الجمال الأقدس.