خلاصة:
تهدف هذه المقالة كما ذكرنا في افتتاحيّة العدد إلى تعريف القرّاء العرب بالشاعر نظامي الكنجوي، وهي تشكّل مقدّمةً لكتابٍ مُعدٍّ للنشر عن نظامي الگنجوي، يتضمّن فصلين: الأوّل عن "تأثير قصّة مجنون ليلى وشعره في الأدب الفارسي، نظامي الگنجوي أنموذجًا"، والثاني: "ناكجاآباد [مدينة اللّامكان أو اللاأين] في إسكندرنامه للنظامي.
ملخص الجهاز:
في نهاية قصّة "خسرو وشيرين"، بعد موت شيرين تتجلّى في شعره نغمة حزن شديد، ويتبيّن لنا من طريق التلميح والإشارات، أنّ هذه القصّة ليست متخيَّلة، وإنّما هي قصّة نظامي وآفاق ومحبتهما الشديدة، ويصرّح هو نفسه أنّ رثاءه لشيرين إنّما هو رثاء لآفاق: فلتأخذنّ من هذه القصّة عبرة وليذهب بك الظنّ بعيدًا وأنت تقرأها فذرْفُ الدموع شرطٌ من شروط قراءتِها ونثرُ ماء الورد المضمّخ بالأسى، على قبر شيرين فحياتُها كانت قصيرة كومضة وردةٌ اقتلعتها الرياحُ في عزّ الصبا وجهُها كان جميلًا كوجه معشوقتي المعبودة حتى ليُخيّل أنّها هي هي "آفاقي" الجميلة، الفاتنة، المرحة التي وهبها لي ملك دربند السعيد (نظامي، 1335ش [1956م]، خسرو وشيرين، ص 428؛ زرّين كوب، 1374ش [1995م]، ص 111).
إنّه نقدٌ كما هو الأمر في مقالات مخزن الأسرار كلّها للمجتمع المعاصر لنظامي الذي يسود فيه الكذب والنفاق والرياء، ويغلب العمل بظاهر الشريعة لمصلحة أولئك الذين يريدون التحكّم برقاب الناس من طريق خداعهم، فتصبح الشريعة مجرّد شبكة ينصبها المراؤون ليعلق فيها السذّج من الناس، والسبيل الوحيد للراحة من هذا المجتمع المنافق هو في العودة إلى الحياة البدويّة للتخلّص من مخادعي العوام، وفي كلّ الأحوال، نظامي يتابع بحثه عن المدينة الفاضلة التي لم تكن معالمُها قد تحدّدت في ذهنه بعد.
الكتاب الرابع: هفت پیکر [التماثيل السبعة] بعد تسع سنوات من انتهاء نظامي من تأليف "ليلى ومجنون" وبعد سبع عشرة سنة من إنهائه لقصّة "خسرو وشيرين"، كتب باسم السلطان علاء الدين كرب أرسلان في حدود العام 593هـ، "التماثيل السبعة" الذي يتضمّن سبع أساطير مبتكرة ومقدّمة ونتائج مهمّة لم يُسبق إليها، ويعتقد عدد من العلماء أنّ هذا الكتاب أرفع درجةً من كتبه الأخرى كلّها، لأنّ موضوع الأسطورة التي هي قصّة "بهرام جور" من أجمل الموضوعات، كما أنّ لغته فيه منتقاه، مصفّاة، لا ركاكة فيها ولا ابتذال (زرّين كوب، 1343ش [1964م]، ص 169).