ملخص الجهاز:
"لا ریب فی ان احد الاسئلة الاساسیة التی ینبغی التوفر علی اجابة واضحة وقطعیة لها، فی مضمار حوار الحضارات، هو: ما دام العالم یتعاطی مع مقولة الغزو الثقافی بوصفها حقیقة واقعیة لا مناص لانکارها فی مجال العلاقات الدولیة، وعلی صعیدالروابط ما بین الامم والشعوب، وبخاصة بین بلدان الشمال والجنوب، فکیف یمکن تحقق مشروع حوار الحضارات وتحویله الی واقع عملی قائم فی ظل مثل هذه الحالة الثقافیة المهیمنة علی النظام العالمی؟ ومن ثم کیف یمکن ازالة المعوقات وایجادالارضیة المناسبة التی ترفع عوامل الازمة وتمهد السبیل الی تفاهم الثقافات والتقائها، لا سیما وان العلاقة بین المتغیرین المذکورین هی علاقة عکسیة؟ فی سیاق الاجابة عن هذا السوال من الضروری ان تخضع مفاهیم الغزو الثقافی، وحوار الحضارات، وطبیعة العلاقة بین الثقافة والحضارة، الی عملیة عرض تنهض بمعرفتها وتحدیدها مجددا، وذلک بغیة العثور علی السبل الاساسیة لمعالجة المشکلات الثقافیة والاجتماعیة الناشئة عن ظاهرة الغزو الثقافی.
من جهة اخری، تکشف الخصوصیات ذات الصلة بالغزو الثقافی، من خلال الرجوع الی الخلفیة السیئة للثقافة الغازیة فی مضمار التاریخ، وعبر معرفة الطبیعة الثقافیة للغزو والاهداف الثقافیة لانصاره، ذلک کله یکشف عن حقیقة واقعیة تفید انه،فی کل مرة فی التاریخ ینحرف فیها خط التوفیق المنطقی والضروری بین الثقافات المختلفة عن مساره لیندفع صوب الغزو الثقافی، تتحول عملیا علاقة التقارب بین الحضارات الی حالة صراع ومواجهة.
* بملاحظة الخلفیة التاریخیة والمدی الواسع الممتد للغزو الثقافی، فی اطار العلاقات غیر المتوازنة بین الثقافات، یتضح بجلاءان الغزو الثقافی هو الاساس المفترض لولوج میدان صراع الحضارات، ومن ثم فان الشرط الضروری لتحقق حوارالحضارات، هو القضاء علی حالات اللاتعادل فی امکانات النمو والازدهار وازالة الرویة التهاجمیة ما بین الشعوب والثقافات."