ملخص الجهاز:
"و بعد ذلک،بدأ تشتت الشعوب السود و تشردها،و انتشار حالة الفوضی بینها و الانحطاط ثم التطاحن و التقاتل،فتحققت بذلک و سادت حالة تقبل الاستعمار التی مکنت الصلیبیة الاوربیة من الانتصار علی بلاد غرب افریقیا،و غزوها،و احتلالها،ثم استعبادها، الأمر الذی کان السبب الأول فی ظهور مرحلة جدیدة فی عملیة الدعوة الاسلامیة،ألا و هی الثورة الاسلامیة التی قام بها فی جل أقطار غرب افریقیا العلماء المجاهدون فی سبیل الله بالسیف،ضد الفساد و لأجل اعادة الشعوب المتشتتة المنحرفة الی دین التوحید،و تنظیمها فی دول منظمة تحت رایة الاسلام، و تمکینها من مقاومة المحتلین.
فبواسطة هذه الوسائل:التبشیر المسیحی،و نشاطاته التدجینیة التضلیلیة،و المدارس الفرنسیة الرسمیة،و ما تتبعها من أدوات الثقافة و الاعلام الانحلالیة المخربة،نجحت فرنسا فی تکوین فئة غریبة عن أوطانها و ذویها،خائنة لمصالحهم و تطلعاتهم و طموحاتهم،فئة أشد ملکیة من الملک،تؤمن بالغرب و الغربیة،و تکفر بکل ما عداها،بل تحاربها بحماسة أشد من حماسة زمرة أساتذتها المتکونة من صلیبی دجال،و صهیونی فاجر،و ما سونی ماکر،الذین لقنوها القومیة المزیفة و العلمانیة الملحدة اللتین قد أصبحتا بعد حالة الاستقلال الشکلیة الخائبة،فلسفة الحکم و منهاجه فی کل الدول الافریقیة(الفرانکوفونیة)حیث تجد کل النظم السیاسیة الحاکمة إما جمهوریة علمانیة قومیة لیبرالیة فی أغلبیتها،و إما اشتراکیة فی بعضها مع نظام حزب واحد أوحد-إلا فی السنغال-بیده وحده الحل و العقد فی کل شیء و یسیطر علی کل شیء،و یتحکم فی کل شیء،یعادی و یحارب کل ما هو خارج نطاقه،و القاسم المشترک لهذه النظم،اضافة الی القومیة و العلمانیة،هو کونها جمیعها بدون استثناء،تنتهج سیاسة تبعیة عمیاء،یرسمها لها عملاء الثالوثة المعروفة المذکورة أعلاه لتبقی أداة طیعة فی قبضة الامبریالیة الغربیة،تحرکها کما تشاء حسب مصالحها،و ضد مصالح شعوبها المتذمرة الناقمة منها،و ضد الاسلام خاصة،لکونه المنقذ الوحید الممکن،سیما و ان الاسلام قد برهن علی طول التاریخ الافریقی،کما قد رأینا،علی أهلیته و کفاءته و فعالیته،فی انقاذ افریقیا و الافریقیین."