ملخص الجهاز:
"أما فی (الوسائل)فالعین متقدمة علی الباء، و الظاهر ان الخطأ فی(مرآة العقول)من الکاتب،علی الرغم من أن ذلک قد یصح أیضا،و لکن ما یناسب المقام و مجمل الحدیث الشریف نفسه ینسجم مع ما جاء فی(الوسائل).
و أما العلم فیکون بافهام النفس و القلب أن سائر المخلوقات ضعیفة،مثله،و محتاجة و فقیرة مسکینة،و أنها،مثله،محتاجة فی جمیع الامور الجزئیة و الکلیة الی الغنی المطلق و القادر القدیر،و أن الناس لیسوا مؤهلین لسد حاجة أحد،و هم أقل من أن نسمح للنفس أن تلجأ إلیهم،أو للقلب أن یخضع لهم،إذ أن ذلک القادر القدیر الذی أنعم علیهم بالعزة و الشرف و المال و الجاه قادر علی أن ینعم بها علی أی أحد.
فقطع سلاسل الشهوات و الأهواء المتشابکة المعقدة،و حطم قیود القلب،و اخرج من الأسر،و عش حرا فی هذا العالم،لکی تکون حرا فی العالم الآخر،و إلا فإنک ستجد صورة هذه القیود حاضرة هناک،و اعلم أن ذلک مما لا یطاق، فعلی الرغم من أن أولیاء الله کانوا قد تحرروا من الأسر و الاستعباد و نالوا الحریة المطلقة،فإن قلوبهم ظلت واجفة من عاقبة الأمر،و کانوا یجزعون من ذلک بما یحار المرء منه.
أیها العزیز،علی الرغم من أن هذه الدنیا لیست دار جزاء،و لیست محل ظهور سلطان الله،و إنما هی سجن المؤمن،فانک ان تحررت من أسر النفس،و دخلت فی عبودیة الله،و جعلت قلبک موحدا،و أزلت عن مرآة روحک صدأ النظرة المزدوجة، و وجهت قلبک الی النقطة المرکزیة للکمال المطلق،فسوف تجد آثار ذلک فی هذه الدنیا عیانا،و سوف یتسع قلبک حتی یصبح موضعا لتجلی سلطان الله تعالی،و یکون أوسع من جمیع العوالم: «لا یسعنی أرضی و لا سمائی،و لکن یسعنی قلب عبدی المؤمن»8."