ملخص الجهاز:
"و لا یضیرنا أن نذکر الآن،و بعد المحن التی توالت علی الأمة العربیة منذ الأربعینات حتی الثمانینات،اننا عندما نذکر(العرب)و(العربی)و(العروبة)یعترینا شعور معقد هو أقرب شیء إلی الحیاء و الصغار،فقبل محنة فلسطین و نحن فی مقاعد الدرس کنا نفاخر بعروبتنا،و نذکر ان أمجد لحظات الحیاة لحظة کنا نقف فی المدرسة الثانویة و ننشد: للنسور و لنا الملعب و الجناحان الخصیبان بنور العلی و العرب و قد وصل ذلک الاعتزاز العربی إلی أوجه عندما طلعت(جامعة الدول العربیة)علی الدنیا مع الربیع سنة 1945،و قد اخذتنا النشوة یومذاک بالحدث العربی،و رحنا نتجمع فی حرکات(قومیة عربیة)تیمنا و تفاؤلا بجامعة الدول العربیة.
تلک الشخصیة العربیة عندما أتیح لها أن تستقل بشؤونها لأول مرة بعد بضعة قرون لم تستطع أن تضبط نفسها،و لا أن تسوس بلادها،و ما زالت تتخبط حتی الآن: لماذا فشلت هذه الشخصیة العربیة؟ لماذا أخفقت فی حکم نفسها؟ للجواب علی هذا لا بد من عودة إلی الوراء.
یعنی بذلک أن راتب المعلم ضئیل،و هذا یصدق علی اساتذة بعض الجامعات العربیة الذین یلتمسون عملا آخر إلی جانب التعلیم لکی یحافظوا علی مستوی لائق من العیش الکریم،و لکنه لا ینطبق علی رجال التعلیم الثانوی و الابتدائی،إذ المعروف أن موظفی التربیة فی الوطن العربی أحسن حالا و أنعم بالا من معظم موظفی الدولة...
و إذا کان فی هذا الکلام بعض الرجعیة کما یتوهم البعض، فقد یسر هؤلاء إذا علموا أن روسیا،الدولة المتناهیة فی الدیمقراطیة الاجتماعیة،یقوم نظام التربیة فیها علی أساس(أرستقراطی)،فهی تنتقی فی آخر مرحلة التعلیم الابتدائی أفضل الطلاب و تدفعهم إلی المدارس الثانویة،و فی آخر هذه المرحلة أیضا یجری انتقاء آخر، و یرسل الممتازون إلی الجامعات،فهل هناک بعد ذلک من حرج إذا دعونا ههنا إلی (ارستقراطیة)فی التعلیم تقوم علی أساس الموهبة الحقیقة و الامتیاز الطبیعی."