ملخص الجهاز:
"و بعد فإن هذه الآثار و إن اختلفت رتبتها العلمیة فإنه یشد بعضها بعضا و یعضده و یؤید،و یؤکده و یشرح صبهمه و یفصل إجماله و ینصرف إلیه حتی لا توجد بعمئذ لمتعرض علی صحة القدر المشترک بینها أن للموتی حیاة برزخیة جامعة ذات علم و عمل و سمو و تصرف و صلة لا تنقطع بشئون علما علی النظام الذی قضاه الله و قدره و علی حد ما جاء فی الأثر«قضاء الله یدفع قضاء الله و قدر الله یعالج قدر الله»شأن الدعاء و القضاء و المرض و الدواء و قد ألف الإمام البیهقی رضی الله عنه فی إثبات ذلک کتابا جلیلا و ألف کذلک الإمام السیوطی کتابه أنباء الأذکیاء فی هذا المعنی فضلا عن مؤلفات ابن القیم و ابن حجر و السبکی و من والاهم خصوصا من الصوفیة و لیس یجری فی العقول و لا فی الشریعة أن الأرواح بانتقالها إلی الدار الأخری قد فقدت خصائصها و مزایاها التی ینصب علیها الحکم و الوسیلة بها فلا یقال إن هذه الخصائص و المزایا قد ماتت مع الجسم فإن ذلک ینتهی إلی فساد عقلی و اعتقاد ممجوج و یترتب علیه انقلاب أحکام الجزاء و النشور انقلابا منکرا نهدم أصول الدنیا والدین معا،فالنتیجة الحتمیة أن خصائص الأرواح و مزایاها باقیة معها ملازمة لها،و قد قال تعالی:«و من یطع الله و رسوله فأولئک مع الذین أنعم الله علیهم من النبیین و الصدیقین و الشهداء و الصالحین و حسن أولئک رفیقا»فهذه الآیة نص فی اعتبار خصائص الأرواح و مزایاها عند مولاها بما بلغت إلیه من تحقیق الرغبات و الاتجاهات و أنها باقیة مع أرواحها مترتب علیها تفصیل أمر جزائها."