ملخص الجهاز:
"زعم-أبقاک الله-کثیر ممن یقرض الشعر و یروی معانیه،و یتکلف الأدب و یجتبیه أنه قد یمدح المرجو المأمول و المغشی2المزور،بأن یکون مخدوعا،و عمی الطرف مغفلا، و سلیم الصدر للراغبین،و حسن الظن بالطالبین،قلیل الفطنة لأبواب الاعتذار،عاجزا عن التخلص الی معانی الاعتلال،قلیل الحذق برد الشفعاء،شدید الخوف من میاسم3الشعراء،حصرا4 عند الاحتجاج للمنع،سلس القیاد إذا نبهته5للبذل،و احتجوا بقول الشاعر:إیت الخلیفة فاخذعه بمسألة إن الخلیفة للسؤال ینخدع فانتحال المأمول للغفلة التی تعتری الکرام،و اختداع الجواد لخدع الطالبین و مخاریق المستمیحین،باب من الکرم6،و من استدعاء الراغب،و من التعرض للمجتدی،و التلطف لاستخراج الأموال،و الاحتیال لحل عقد الأشحاء،و تهییج طبائع الکرام.
و أنا أسأل الله الذی ألزمکم/(109 ا)المؤن الثقال،و وصل بکم آمال الرجال، و امتحنکم بالصبر علی تجرع المرار،و کلفکم مفارقة المحبوب من الأموال،أن یسهلها علیکم و یحببها إلیکم حتی یکون شغفکم بالإحسان الداعی الیه،و صبابتکم بالمعروف الحامل علیه، (10)ک،ب:فنسأل.
ثم اعلم-أصلحک الله[تعالی]-أن الذی وجد فی العبرة،و جرت علیه التجربة، و اتسق به النظم،و قام علیه وزن الحکم،و اطردمنه النسق،و أثبته الفحص،و شهدت له العقول، أن من أول أسباب الخلطة و الدواعی الی المحبة ما یوجد علی بعض الناس من القبول عند أول و هلة،و قلة إنقباض النفوس مع أول لحظة22،ثم اتفاق الأسباب التی تقع بالموافقة عند أول المجالسة،و تلاقی النفوس بالمشاکلة عند أول الخلطة23.
فصل منها و أنا أقول بعد هذا کله:لو لم أضمر لکم محبة قدیمة،و لم أضر بکم بشفیع من المشاکلة، و لا بسبب الأدیب الی الأدیب،و لم یکن علی قبول و لا علی حلاوة عند المحصول،و لم أکن إلا رجلا من عرض المعارف،و من جمهور الاتباع،لکان فی إحسانکم الینا و إنعامکم علینا،دلیل علی أنا أخلصنا المحبة،و أصفینا لک المودة."