ملخص الجهاز:
"و بعد قرن و نصف تقریبا من سقوط ایبیریا اتخذ المسلمون خطة الهجوم من جدید منطلقین هذه المرة من قواعدهم الإفریقیة للقیام بعملیاتهم،و کانوا قاب قوسین أو أدنی من السیادة علی ایطالیا کلها5،و ذلک بعد استیلائهم علی صقلیة و احتلال عاصمتها«بالیرمو» (1)الجدیر بالملاحظة،فی هذا السیاق أن الصحفیین العرب،و من بعدهم الباحثون و المحللون الناطقون بالعربیة،قد تداولوا،بعد الاجتیاح الإسرائیلی للبنان عام 1982-مصطلح«الأصولیة»علی نطاق واسع، و ذلک ترجمة لمصطلحین غربیین استعملتهما الأوساط السیاسیة و الإعلامیة و الثقافیة فی الغرب للإشارة إلی حالة الیقظة الإسلامیة الراهنة فی مختلف أرجاء العالم الإسلامی.
إن هذه التأویلات تسیر،کما هو واضح،فی إتجاه واحد،بل یکمل بعضها بعضا، فی محاولة لتدجین ظاهرة الوحی داخل أطر التجسبدات والتمثلات المحسوسة،و أنسنتها إلی درجة الابتذال،فیتم اختزالها إلی نوبات هستیریا أو ممارسات مشعبذة و حلقات ماسونیة،أو الوقوف بها عند حدود الاقتباس«الثقافی»عن الأدیان الأخری التی کان لها فی شبه الجزیرة العربیة بعض المواقع الفاعلة،کما هی الحال مثلا بالنسبة إلی الیهود فی خیبر و یثرب و نجران5،علما بأن ثمة فروقات بنائیة بین القرآن من جهة و بین التوراة و الإنجیل من جهة أخری6،لیس هذا المقام موضع الخوض فیها.
فلقد تلقف المستشرقون إسرائیلیات الأخبار الضعیفة و الموضوعة و المبعثرة فی کتب التراث الإسلامی حول هذا الزواج بما فیها بعض ما نقله کبار النقلة و الاخباریین و المفسرین المسلمین القدامی کابن هشام والطبری و ابن سعد و الزمخشری و ابن قیم الجوزیة و غیرهم فی الموضوع نفسه دون تحر أو تدقیق أو نقد للروایات التی دونوها،فصور المستشرقون زواج النبی (ص)من زینب بأنه«سفاح الأقارب»-کما سماء بعضهم-و أفاضوا علی القضیة ضروبا من المبالغات و الأخیلة التی تعکس تأثرات محمد(ص)عندما رأی زینب3و کانت من أجمل نساء العرب،و أطلقوا لأقلامهم العنان حتی صوروا رسول الله(ص)بالرجل الشهوانی الذی یستحوذ جمال النساء4و مظاهر الزینة و متع الحیاة علی قلبه و کیانه5."