ملخص الجهاز:
"أجل, ربما ینفتح البحث فی ورود الدلیل علیه إثباتا, لذا فهنا نظریتان: النظریة الأولی: القائلة بورود الدلیل علی الإحباط الحقیقی ولو بالنسبة إلی بعض الأعمال, قال المحقق الأردبیلی: «لا شک فی إحباط الکفر للإیمان وبالعکس, وهو صریح القرآن والأخبار, ونقل علیه الإجماع, بل یوجد الإحباط مطلقا فیهما»( 174 ).
وبناء علی إمکان الإحباط ثبوتا ووقوعه فی القرآن ـ وفی السنة أیضا ـ تثار عدة بحوث کلامیة لا تخلو بعضها من الارتباط بالموقف العملی والفقهی: البحث الأول: فی بقاء أعمال المرتد إلی حین الموت والحبط عنده وعدمه، وفیه رأیان: الأول: أن أعمال المرتد السابقة علی ردته باقیة إلی حین الموت, فإن لم یرجع إلی الإیمان بطلت بالحبط عند ذلک, أی: أنها تبقی موقوفة ومعلقة إلی زمان الموت, فإن مات علی کفره ذهبت أعماله هباء منثورا, وإن تاب تعاد إلیه أعماله, ونسبه الجرجانی إلی محققی الأصحاب( 177 ), واستدل علیه بقوله تعالی: ﴿ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ﴾ [البقرة: 217]؛ فإنها اشترطت الحبط بالموت علی الکفر, ویؤیده قوله تعالی: ﴿ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ﴾ [آل عمران: 195] وقوله: ﴿ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ﴾ [الزلزلة: 7 ـ 8] ونحو ذلک مما دل علی المجازاة بالعمل, خرج عنه من وافاه کافرا وبقی الآخر تحت العموم( 178 ).
ثم إن القائلین ببطلان الإحباط أولوا هذه الآیة فقالوا: إن المراد منها أن العمل الصالح إنما یتعلق به الثواب إذا لم یلحقه سیئة, ففی الحقیقة لحوق الثواب بعمل مشروط علی نحو الشرط المتأخر بعد لحوق سیئة أو عقابها به, فلو لحقها لم یقع العمل علی وجهه ولم یتعلق به ثواب فی الحال, فلم یکن استحقاق للثواب حتی یحبط, وهذا المنهج فی التأویل سلکه الشیخ الطوسی فی التبیان( 187 ) فی غیر مورد من آیات الإحباط وکذا غیره( 188 ), أو أن المراد بمثل قوله تعالی: ﴿ﮥ ﮦ ﮧ..."