ملخص الجهاز:
"وأما إذا کان المدرک للضمان بقیة الأدلة ـ کما هو الصحیح ؛ لما عرفت من عدم تمامیة سند روایة السکونی ـ مثل قاعدة الإتلاف ، أو کون الجنایة شبه العمد الموجبة للضمان ، فالظاهر حینئذ الضمان فی هذه الحالة ؛ وذلک لأن الفعل الموجب للتلف فی محل الکلام هو تناول الدواء ، والفاعل المباشر له وإن کان غیر الطبیب بحسب الفرض إلا أن الطبیب لما کتب النسخة وأمر المریض باستعمالها فالفعل یستند إلیه عرفا ، فیقال عالجه الطبیب الفلانی بلا تجوز أصلا ، وإذا استند الفعل إلیه فی هذه الحالة ثبت الضمان ؛ لأنه متلف وجان ، والأدلة دلت علی ضمانه ، وسیأتی مزید توضیح لذلک .
وشیء من هذه الأدلة لا یجری فی صورة العلاج غیر المباشر : أما الأول : فلما عرفت من أن المناط فیه قصد فعل متعلق بالمجنی علیه مع عدم قصد القتل أو النقص وعدم کونه مما یقتل أو یوجب النقص عادة ، کما إذا رماه بشیء لا یقتل مثله عادة مع عدم قصد القتل فاتفق موته ، ومن الواضح أن هذا المعنی غیر متحقق فی المقام ؛ لأن الطبیب لم یمارس أی فعل متعلق بالمریض حتی تتحقق الجنایة شبه العمد الموجبة للضمان .
وقد یعترض علی ذلک ویقال : إن حالات التطبیب المتعارفة فی زماننا من هذا القبیل ، فإن المباشر هو المریض أو شخص آخر ، والطبیب لا یمارس أی عمل متعلق بالمریض وإنما یکتب له نسخة ـ مثلا ـ للعلاج ، فلماذا أدخلتم هذه الحالات فی أقسام العلاج المباشر وحکمتم فیها بالضمان ؟ والجواب : أولا : إن کتابة نسخة للعلاج من قبل الطبیب وأمره المریض بالعمل علی طبقها یوجب إسناد الفعل إلی الطبیب عرفا ـ کما تقدم ـ فیقال عالجه الطبیب الفلانی مثلا ، فالطبیب یقصد فعلا متعلقا بالمریض وإن لم یمارسه بالمباشرة ، فیصدق فی حقه الجنایة شبه العمد ."