ملخص الجهاز:
"یقول محمد بن عبد الله اللوشی،و کأنه یحدد الهدف من تحول عناصر الطبیعة الأندلسیة إلی أسلحة تدافع و تقاتل إلی جانب المسلمین فی معارکهم ضد الروم: أجریت أنهار السیوف علی ثری أعناقهم فلها الرؤوس حباب فکأنها فوق المفارق منهم شیب علاه للدماء خضاب أحسن به شیئا بهم منه ردی و بوجه دین الله منه شباب سجدت رؤوسهم لسیفک هیبة إذ یسرتها للسجود رقاب36 فالشاعر لم یقنع بأن جعل السیوف أنهارا و أعناق العدو ثری،و رؤوسهم حبابا یطفو علی تلک الأنهار،و إنما عاد لیشبه السیوف بالشیب لبیاضها،و الدماء حناء خضبت به للون الأحمر الجامع بینهما،و ذلک حتی یتسنی له الجمع بین الشیب و الموت للعدو،و بین الشباب و الحیاة لدین الله،لتتسق عناصر الصورة التی سخرت فیها الطبیعة مع الاسلام للقضاء علی الکفر من أجل حیاة الإسلام،و هو الهدف الذی جعله الشعراء فی هذا العهد نصب أعینهم و هم یرسمون لوحة ملحمیة لکل عناصر الأندلس نباتا و حیوانا و إنسانا و أرضا و سماء،یقول ابن زمرک: و رب نهر حسام راق رائقه متی ترده نفوس الکفر یردیها تجری الرؤوس حبابا فوق صفحته و ما جری غیر أن البأس یجریها و ذابل من دم الکفار مشربه یجنی الفتوح و کف النصر تجنیها و کم هلال لقوس کلما نبضت تری النجوم رجوما فی مرامیها أئمة الکفر ما یممت ساحتها إلا و قد زلزلت قسرا صیاصیها37 فإلحاح الشاعر علی(نفوس الکفر)و(دم الکفار)و(أئمة الکفر)آت من کون الکفر و الکفار معا هدفا لسلاح المسلمین بما فیه عناصر الطبیعة الأندلسیة، إذ إن نفوسهم ترد من نهر هو سیف أمیر المسلمین،و رؤوسهم تجری حبابا فوق میاهه/دمائه،و الرماح تشرب من دم الکفار،و تجنی الفتوح من مدنهم،و هلال السماء و نجومها،رجوم تروم قلوب أئمة الکفر،و جنود المسلمین بقیادة الممدوح تزحف نحو ساحتهم،حتی إذا حلوا بها زلزلت صیاصیهم/حصونهم، و سقطت بأیدی المسلمین،و لعمری إن الشاعر یلمح بهذا إلی التعبیر القرآنی الخلاب فی مثل هذا المقام،إذا قال الله سبحانه و تعالی: و إنزل الذین ظهروهم من أهل الکتاب من صیاصیهم و قذف فی قلوبهم الرعب فریقا تقتلون و تأسرون فریقا(26)و أورثکم أرضهم و دیرهم و أمولهم و أرضا لم تطئوها و کان الله علی کل شیء قدیرا (27)الأحزاب."