ملخص الجهاز:
"و الآن،بضوء الغورباتشوفیة الجدیدة،لم یعد العالم الثالث خمیرة ثوریة و لا حرکة تحرر وطنی،بل یترتب علیه أن یندمج فی عالم أکبر،تختزله القیادة السوفیاتیة الی مجرد قاسم مشترک،خال من أی صراع تناحری،متحرر من إرث العداء التاریخی،مندمج دونما أی اغتراب،هکذا بتبسیط مفرط و مستقیم،تقفز الغورباتشوفیة الجدیدة فجأة من فوق الرکام الذی خلفته عهود الاستعمار و الامبریالیة،مهملة بذلک کل الآلیات غیر المتکافئة التی تذکی الاختلال الدائم فی توازن القوی الاقلیمیة بالمیزان الدولی،کل ذلک یجب أن یتحقق لأن الواقعیة السوفیاتید ترید أن تتعاون مع ندها الأمریکی من أجل إعادة بناء داخلی کانت قد هدمته إدارة بیروقراطیة.
و یبدو أن غورباتشوف عندما کان یخاطب العقل الغربی،من خلال کتابه،نسی أن خطابه هذا سیکون موضع اهتمام العقل فی العالم الثالث،و لهذا،فإن مرکزیته الأوروبیة تجاه العالم الدونی سرعان ما تبدت بطریقة واضحة:لأنه یرید أن یعقلن العالم الغربی، الذی تبین أنه ینتمی له قبل أی انتماء،فإنه ینصح رأسمالییه،کی یحافظوا علی دیمومة استحواذهم علی الأرباح من العالم موضوع الاستغلال،فما علیهم سوی المحافظة علی القدرات الانتاجیة لعمالهم-شعوب العالم الثالث-و الأغرب من ذلک أن غورباتشوف، یستبدل مفهوم الهیمنة الامبریالیة للغرب بمفهوم المصالح القومیة،التی یقسم بأن السوفیات لا ینوون أبدا المساس بها.
بغض النظر عن واقعیة الغورباتشوفیة، و بسبب من الترابط العضوی فیما بین التغیرات التی تحدث فی عالم الیوم،یحق لنا نحن العرب،من أبناء شعوب العالم الثالث، أن نتساءل عن موقع قضیة العرب الأساسیة من اهتمامات الغورباتشوفیة،باعتبارها التوجه الجدید للاتحاد السوفیاتی الذی هو بحق حلیف العرب،الحلیف الذی لا یمکن لأی موضوعی أن یشک بمصداقیة تحالفه: تری ما الذی ننتظره نحن العرب من غورباتشوفیة الاتحاد السوفیاتی؟ واضح من کتاب غورباتشوف أن مصالح بلاده فی الداخل و الخارج تقتضی إعادة بناء العلاقات الدولیة علی أساس تطمینها، فالعلاقات الدولیة،سواء أکانت علاقات تحالف أم تناقض،ینبغی أن تقوم علی أساس الاحترام المتبادل للمصالح القومیة،و هذا أساس صالح دونما شک."