ملخص الجهاز:
"و علی هذا فلیس أمام المحقق إذا أراد تفسیر هذه الکلمة و أشباهها من أسماء الأعیان تفسیرا علمیا سلیما،إلا أحد أمرین:إما استنتاج المرادف العلمی-إذ کان المحقق من أهل الاختصاص-من خلال النظر فی مؤلفات القدماء التی تتعرض لهذا الاسم أو ذاک،و الربط بین أقوالهم فی سبیل الإحاطة بالتعریف، حیث یسهل بعد ذلک استنتاج المرادف العلمی،و إما الرجوع إلی ما کتبه فریق من العلماء المحدثین الذین عنوا بتاریخ العلم عند العرب،فریما وجد المحقق بغیته فی مؤلفاتهم.
ثانیا:المصطلحات العلمیة: ماذا یحدث لو أن محققا قد صادفه-فی تحقیق نص من نصوص التراث الأدبی-بیت أبی العلاء المشهور: کالبیت أفرد لا إیطاء یدرکه و لا سناد و لا فی اللفظ إقواء1 فهل یغض الطرف عن شرح و تفسیر مفردات البیت مثل«إیطاء»و«سناد»و«إقواء» اکتفاء بأن غایة المحقق الوصول إلی النص کما ترکه مؤلفه؟أو یتناول المفردات بالشرح و التفسیر؟و إذا قرر المحقق أن یفسر هذه المفردات أیلجأ-کما جرت به العادة-إلی معاجم اللغة کوسیلة للتفسیر؟أم ماذا؟و الحقیقة أنه لکی یدرک القارئ ما یعنیه المؤلف من إیراده لبیت أبی العلاء،لا بد للمحقق-فی هذه الحالة-من تناول هذه المفردات التی لیست سوی اصطلاحات عروضیة بالشرح و التفسیر من خلال الکتب الموضوعة فی هذا الفن؛لأن معنی البیت کله-جملة و تفصیلا-لا یمکن القارئ إدراک معناه بغیر تفسیر هذه المفردات تفسیرا اصطلاحیا و لیس لغویا.
لذا فإن ترک هذه المصطلحات العلمیة فی النص دون تفسیر علمی أو شرح یؤدی إلی إدراک محتواها،هو نوع من القصور فی التحقیق،و هو قصور یخل-دون شک- بفهم المحتوی العلمی للنص،الأمر الذی یجعله مستعصیا علی الفهم بل یجعل من المصطلحات الواردة فیه شیئا أشبه بالطلاسم مهما کانت إجادة المحقق و براعته فی تطبیق أسس التحقیق و قواعده."