"ذکرنا فی المقالة التی صدرنا بها العدد الماضی أن التاریخ من العلوم التی ینبغی أن تعلم لجمیع أفراد الأمة ، ولا سیما تاریخ الأمة والملة والوطن ، وأومأنا إلی الفائدة فی ذلک ، وعلی هذا تجری جمیع الأمم المتمدنة فی تربیة أبنائها وبناتها .
ولدراسة هذا النوع من التاریخ فوائد کثیرة ؛ لأنه تاریخ أمة ودین وبلاد ورجال عظام ، فهو یسمو بقارئه إلی معرفة کیفیة ظهور الدین الإسلامی ، واشتراع شریعته ، وتأسیسه أمة کانت أحقر الأمم وأبعدها عن التهذیب والمدنیة ، وارتقائه بها إلی أسمی مراقی التهذیب والسعادة .
ولذلک یتنافس فیه الإفرنج ، وقد ألفوا فیه کتبا کثیرة ، لهم فیها مذاهب کثیرة ، ولا یزالون یدأبون فی البحث عنه ویعنون بالتوسع فیه .
وطالما کنت أفکر فی حاجتنا إلی کتاب موجز فی ذلک لیتدارسه من لا تسمو هممهم إلی قراءة المطولات ، ولیقرأ فی المدارس الإسلامیة فیکون عونا لأبنائها علی فهم الدین وتحبیبه إلیهم ، فإن قراءة السیر لها من الشأن فی تقویة الاعتقاد ما لیس لکتب العقائد ."